الأحد 19 مايو 2024
spot_img

بيت العائلة المصرية.. أجراس الكنيسة تعانق المآذن

بيت العائلة المصرية.. هنا مصر، حيث يعيش المسلمون والمسيحيون كأسرةٍ واحدة، بتناغم وتلاحم، تحت ظلِّ سماءها الصافية وفوق أرضها الطاهرة، جنبا إلى جنب في واحة سلام تنبض بالحب والحياة، لتتجلى وحدتهم وترسم لوحة فريدة للتعايش والاندماج في هوية واحدة، لتصبح قصصهم وعاداتهم -على مر التاريخ- خيوطا تغزل نسيج المجتمع الذي يتعانق فيه المسلمون والمسيحيون بقلوبهم ويتصافحون فيه بدفء مشاعرهم.

فكرة إنشاء بيت العائلة المصرية

من هنا نبتت فكرة “بيت العائلة المصرية” والتي يجتمع فيها أبناؤها تحت راية واحدة، مؤكدين أن التنوع ليس عائقًا بل ثراء يغذي روح الوطن؛ نبضت الفكرة بقلب فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وأوحى بها إلى قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، خلال تقديمه له واجب العزاء في شهداء حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية، في مطلع عام 2011.

 فلقيت الفكرة ترحيبا كبيرا وتشجيعا من البابا شنودة، وبالفعل صدر قرار تأسيس “بيت العائلة المصرية” من مجلس الوزراء في نفس العام. 

د. أحمد الطيب شيخ الأزهر

وأكد الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن بيت العائلة المصرية كان ثمرة لتفاهمٍ عميق ومدروس بين الأزهر والكنيسة، من أجل تحصين مصرَ والمصريين من فتنٍ أحدقت بالبلاد، ودمَّرت مِن حولها من أوطان ومجتمعاتٍ، بل وحضاراتٍ ضاربةً بجذورها في قديم الأزمان والآباد، وراح ضحيَّتَها الملايينُ من الأرواح، والآلافُ من المشوَّهين والأرامل واليتامى، والفارِّين والنازحين عن دِيارهم وأوطانهم.

وقال الشيخ الطيب، إن الأزهر والكنائس المصرية، أسسوا بيت العائلة استشعارًا لواجب المؤسسات الدينيَّة في المشاركة في الجهود الوطنيَّة والأمنيَّة والسياسيَّة التي تبذلُها الدولة لدحرِ هذا المخطط اللَّعين.

وحمايةِ الوطن، والمواطنين من تداعياته التي تُغذيها وترعاها قوًى خارجية بالتنسيق مع قوًى داخليَّةٍ، وبعدَ ما بات من الواضح أنَّ هدف الجميع هو سقوطُ مصرَ فيما سقطت فيه دولٌ عربية كبرى وصغرى من صراعاتٍ أهلية مُسلَّحة.

وتابع: لا تزال أخبارها البالغةُ السُّوء تَتصدَّر الأنباء المحلية والدولية حتى هذه اللحظة، مشيرًا إلى أن مبادرة بيت العائلة المصرية، عززت قيم التسامح الديني وأسهمت بشكلٍ كبيرٍ في وأد الفتن التي تستهدف نشر التعصب والكراهية المبنية على أساس الفهم الخاطئ للدين، كما ساعدت في حماية النشء والشباب من مخاطر التطرف والتشدد، ووقف محاولات العبث بالأوطان.

التواصل بين الأزهر والكنيسة

بيت العائلة المصرية
بيت العائلة المصرية – أرشيفية

نجحت مبادرة بيت العائلة المصرية في أن تصبح بيتًا للتواصل والتعاون بين الأديان والثقافات المتنوعة في مصر، فقد انطلقت سريعا منذ إنشاءها عام 2011، ووقع الاختيار على أن تكون مشيخة الأزهر مقرا لها.

على أن يتم تداول رئاستها كل 6 أشهر بين كلا من شيخ الأزهر وقداسة البابا، ويضم بيت العائلة في عضويته ممثلي الطوائف المسيحية في مصر وعلماء الأزهر، بالإضافة إلى عدد من الخبراء والمتخصصين، كما يعين لها أمين عام وأمين عام مساعد.

الأقباط في مصر ونسيج الوطن

وأوضح د. محمد أبو زيد الأمير، المنسق العام لبيت العائلة المصرية، أن بيت العائلة المصري أُسس للحفاظ على النسيج المصري، وهو امتدادا لما تقوم به الدولة من جهود في الحفاظ على الهوية الوطنية والنسيج المجتمعي.

حيث نبعت هذه الفكرة من الرغبة الأكيدة في استمرار تعزيز الوحدة المجتمعية كأسرة واحدة، وتقويم العلاقات الاجتماعية وتعزيز الاندماج المجتمعي، ونزع فتيل الطائفية ومواجهة أي تطرف.

مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي لبيت العائلة هو الحفاظ على وحدة النسيج الوطني، بالعمل والتواصل والتنسيق مع جميع الجهات والوزارات المعنية في الدولة، حيث يُقدم بيت العائلة مقترحاته وتوصياته، ويُنظم مؤتمراته ولقاءاته في جميع أنحاء الجمهورية، بالإضافة إلى رصد واقتراح الوسائل الوقائية للحفاظ على السلم المجتمعي.

المسلمين والمسيحيين

ومنذ إنشائه، لم يتوقف بيت العائلة المصري عن العمل، ولعب دوراً كبيراً في تهدئة النزاعات وحل المشكلات، وجمع بين المسلمين والمسيحيين، وعمل على تعزيز مبدأ المواطنة، وتصحيح الأفكار الخاطئة حول الديانات.

وتعزيز قبول الآخر في المجتمع، وبدأ في التوسع بإنشاء فروع له في مختلف المحافظات، ونجح في تقديم حلول للنزاعات الطائفية وإزالة التوتر التي تنشأ في بعض المناطق، من خلال تعزيز روح المحبة والتسامح والمساواة.

ومن هنا لعب بيت العائلة دورًا إيجابيًا في تعزيز مبادئ المواطنة والتعايش السلمي بين مختلف الطوائف واحترام التنوع الديني.

وأكد د. محمد الزهار، مقرر لجنة المواطنة ببيت العائلة المصرية، استمرار نجاحات بيت العائلة بالتعاون مع مؤسسات الدولة في حفظ القيم ونشر السلام والدفاع عن حقوق الإنسان.

خاصة وأن الهدف الرئيسي الذي يسعى بيت العائلة إلى الحفاظ عليه هو وحدة النسيج الوطني لأبناء مصر، واستعادة القيم العليا الإسلامية والمسيحية.

مع التركيز على القيم المشتركة بينهما وتفعيلها بقبول الاختلاف، كما نجح أيضًا في الحفاظ على الشخصية المصرية وصيانة هويتها، وهو أحد أولويات الدولة في الجمهورية الجديدة.

بيت العائلة في المدارس

وقال إن بيت العائلة المصرية أصبح جزءًا مهمًا من العمل في غالبية مدارس ومحافظات مصر من خلال برنامج “أصدقاء بيت العائلة”، لأن هذه المرحلة العمرية تعتبر مهمة للتنشئة الوطنية والاجتماعية، إذ يتم فيها تشكيل الوعي الوطني للطلاب في مراحلهم الدراسية المدرسية وحتى الجامعية.

بالإضافة إلى مشاركة آباء الطلاب كأصدقاء لبيت العائلة على مستوى جميع المحافظات، وهو النجاح الكبير الذي جذب إليه انتباه العديد من دول العالم.

ففي عالم يشهد تصاعد التوترات الدينية والانقسامات الاجتماعية، تقف مصر كنموذجٍ مذهلٍ للتآخي والتضامن بين الأديان، فأصبحت نموذجًا ملهمًا للتعايش السلمي والتواصل الحضاري.

اقرأ أيضا
- Advertisment -spot_img
- Advertisment -spot_img