الثلاثاء 1 يوليو 2025
spot_img

أوكرانيا تفقد مقاتلة إف-16 خلال صد هجوم روسي ضخم

في تطور لافت في مسار الحرب الروسية الأوكرانية، تحطمت مقاتلة أوكرانية من طراز “إف-16” في منطقة تشرنيغيف ليلة 28 يونيو 2025، أثناء تصديها لهجوم جوي روسي مكثف شمل 537 طائرة مسيرة وصاروخًا.

وأكد سلاح الجو الأوكراني فقدان الطائرة واستشهاد قائدها، المقدم مكسيم أوستيمينكو، الذي تمكن من توجيه الطائرة بعيدًا عن منطقة مأهولة بالسكان قبل سقوطها.

ويمثل هذا الحادث، الذي يأتي بعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء الغزو الروسي الشامل، ضغطًا هائلاً على الدفاعات الجوية الأوكرانية ويثير تساؤلات حول الاستخدام الاستراتيجي للطائرات الغربية المتطورة ضد التهديدات الجوية الرخيصة والكثيفة.

هجوم روسي مكثف

استهدف الهجوم الروسي مناطق أوكرانية متعددة، بما في ذلك كييف، تشيركاسي، لفيف، وميكولايف، وشمل مزيجًا من 477 طائرة مسيرة، معظمها من طراز “جيران-2” إيرانية الصنع، و 60 صاروخًا، بما في ذلك صواريخ “كينجال” فرط الصوتية، وصواريخ “Kh-101” المجنحة، وصواريخ “كاليبر” المجنحة، وصواريخ “إسكندر” الباليستية.

ورغم نجاح الدفاعات الأوكرانية في إسقاط 436 طائرة مسيرة و 38 صاروخًا، إلا أن حجم الهجوم كان هائلًا وتسبب في أضرار للبنية التحتية المدنية وإصابات.

خسارة “إف-16”

أثارت خسارة مقاتلة “إف-16″، وهي من الأصول القيمة التي قدمها حلفاء الناتو لأوكرانيا في عام 2024، نقاشات حول الاستخدام التكتيكي لهذه الطائرات وتداعياته على الدعم العسكري الغربي.

بدأ الهجوم الروسي في وقت متأخر من يوم 28 يونيو واستمر حتى الساعات الأولى من يوم 29 يونيو 2025، مستهدفًا البنية التحتية العسكرية والصناعية والطاقة في جميع أنحاء أوكرانيا.

ظروف تحطم “إف-16”

بحسب سلاح الجو الأوكراني، شمل الهجوم 477 طائرة مسيرة من طراز “جيران-2″، المعروفة بتكلفتها المنخفضة وقدراتها بعيدة المدى، إلى جانب مزيج من الصواريخ المتطورة.

وقد تم تكليف طائرة “إف-16″، التي كان يقودها المقدم مكسيم أوستيمينكو، باعتراض هذه التهديدات، مع التركيز بشكل أساسي على الطائرات المسيرة وربما الصواريخ المجنحة.

وذكرت التقارير أن أوستيمينكو دمر سبعة أهداف جوية قبل أن تتلقى طائرته أضرارًا بالغة أثناء محاولته الاشتباك مع الهدف الثامن. وأشار سلاح الجو الأوكراني إلى أن الطائرة فقدت ارتفاعها بسرعة، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتوجيهها بعيدًا عن المناطق المأهولة بالسكان، لم يتمكن الطيار من القفز بالمظلة قبل التحطم.

تحقيقات جارية

لا يزال سبب التحطم قيد التحقيق، مع عدم وجود تأكيد رسمي حول ما إذا كان ناتجًا عن نيران العدو أو عطل ميكانيكي أو حطام من الأهداف التي تم اعتراضها. ويقوم فريق خاص بفحص حطام الطائرة، الواقع في منطقة تشرنيغيف، ومن المتوقع أن يساعد خبراء دوليون في التحقيق.

وقد وقع الحادث وسط معركة جوية فوضوية، حيث نشرت القوات الأوكرانية جميع الأصول المتاحة، بما في ذلك أنظمة “باتريوت” و “NASAMS” التي قدمها الغرب، للتصدي للهجوم الروسي.

يشير حجم وتعقيد هجوم 29 يونيو إلى تصعيد متعمد في الحملة الجوية الروسية، بهدف اختبار دمج أوكرانيا للمنصات الغربية المتقدمة مثل “إف-16”.

تصعيد روسي

سبق الهجوم نمط من الضربات الروسية المكثفة طوال شهر يونيو 2025، حيث أشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى أن روسيا أطلقت أكثر من 2700 طائرة مسيرة وصاروخًا في ذلك الشهر وحده.

ويعد استخدام 537 أصلًا جويًا في ليلة واحدة زيادة كبيرة عن الهجمات واسعة النطاق السابقة، وقد يعكس هذا التصعيد نية موسكو تحدي الدفاعات الجوية الأوكرانية وإرسال إشارة إلى الناتو بأنه يمكن مواجهة التكنولوجيا الغربية المتقدمة.

الرد الروسي

زعمت وزارة الدفاع الروسية أن الضربات استهدفت المنشآت العسكرية والصناعية ومصافي النفط الأوكرانية، على الرغم من أن البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المباني السكنية في تشيركاسي والمؤسسات التعليمية، قد تعرضت لأضرار كبيرة.

تعد مقاتلة “إف-16 فالكون”، التي طورتها شركة جنرال دايناميكس [الآن لوكهيد مارتن] في السبعينيات، طائرة مقاتلة متعددة المهام ذات محرك واحد تشتهر بتعدد استخداماتها وفعاليتها القتالية.

قدرات “إف-16”

تتميز “إف-16” بقدرتها على اكتشاف الاشتباك مع الأهداف على مدى يصل إلى 180 كيلومترًا باستخدام صواريخ “AIM-120 AMRAAM” للقتال الجوي وصواريخ “AIM-9 Sidewinder” للاشتباكات قصيرة المدى. كما أنها تدعم الذخائر الموجهة بدقة مثل “JDAM” للضربات الأرضية، مما يوفر لأوكرانيا قدرات محسنة ضد الطائرات والصواريخ والأهداف الأرضية الروسية.

تلقت أوكرانيا أولى طائراتها من طراز “إف-16” في صيف عام 2024، مع تعهد حلفاء الناتو بما مجموعه حوالي 85 طائرة، ومع ذلك، يتم تخصيص بعض هذه الطائرات للتدريب في مركز التدريب الأوروبي لطائرات “إف-16” في رومانيا، مما يحد من الأسطول العملياتي.

مهام متعددة

تم استخدام الطائرات في مهام جو-جو وجو-أرض، بما في ذلك اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة الروسية وضرب أهداف في منطقة كورسك الروسية.

تعتبر “جيران-2″، وهي نسخة روسية من طائرة “شاهد-136” الإيرانية، حجر الزاوية في هذه الاستراتيجية.

تكتيكات روسيا الجوية

تتميز هذه الطائرات المسيرة بمدى يزيد عن 2000 كيلومتر وتحمل رأسًا حربيًا يزن 50 كيلوغرامًا، مما يجعلها مثالية للهجمات بعيدة المدى ومنخفضة التكلفة.

أثارت خسارة “إف-16” تدقيقًا في تكتيكات الدفاع الجوي الأوكرانية، وقد يؤدي الحادث إلى إعادة تقييم لكيفية استخدام “إف-16″، وربما الحد من دورها في هجمات الطائرات المسيرة الكثيفة للحفاظ على الأسطول لمهام ذات أولوية عالية، مثل الاشتباك مع الطائرات المقاتلة الروسية أو ضرب الأهداف الاستراتيجية.

تغيير الأولويات

قد يعطي القادة الأوكرانيون الأولوية للأنظمة الأرضية مثل “NASAMS” أو “IRIS-T”، الأنسب لاعتراض الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة، لمثل هذه المهام. ويمكن أن يؤدي الحادث أيضًا إلى توقف مؤقت في عمليات “إف-16” لتحليل السبب وتنفيذ الإجراءات التصحيحية.

تسلط خسارة “إف-16” الضوء على التحديات الأوسع التي تواجه دمج أوكرانيا للتكنولوجيا العسكرية الغربية. ومع وجود أقل من 50 طائرة عملياتية ومجموعة محدودة من الطيارين المدربين، فإن كل خسارة تقلل من قدرة أوكرانيا على تحدي التفوق الجوي الروسي. كما يكشف الحادث عن ثغرات في الدعم الغربي، لا سيما بطء تسليم أنظمة الدفاع الجوي والذخائر.

دعوات للدعم

تعكس دعوة زيلينسكي لأنظمة “باتريوت” الإضافية اعتماد أوكرانيا على المساعدة الأمريكية والأوروبية لمواجهة الحملة الجوية الروسية المستمرة.

تكافح الدفاعات الجوية الأوكرانية، المعززة بالأنظمة الغربية، لمواجهة حجم وتنوع الهجمات الروسية. وتعد أنظمة “باتريوت” و “NASAMS” فعالة ضد الصواريخ ولكنها أقل فعالية ضد الطائرات المسيرة منخفضة التحليق مثل “جيران-2″، التي تستغل الثغرات في التغطية الرادارية.

الحاجة لحلول

تبرز خسارة “إف-16” الحاجة إلى دفاعات متعددة الطبقات، تجمع بين الأنظمة بعيدة المدى مثل “باتريوت” والحلول قصيرة المدى مثل “IRIS-T” الألمانية. ويمكن أن يوفر الاستثمار في الحرب الإلكترونية، التي عطلت 225 طائرة مسيرة خلال هجوم 29 يونيو، حلاً فعالاً من حيث التكلفة.

إن فقدان طائرة “إف-16” الأوكرانية في 29 يونيو 2025، خلال الهجوم الجوي الروسي المكثف يكشف عن تعقيدات دمج التكنولوجيا الغربية المتقدمة في صراع عالي الكثافة. ويسلط الحادث الضوء على التناقض بين المنصات عالية التكلفة مثل “إف-16” والتهديدات منخفضة التكلفة وعالية الحجم التي تشكلها الطائرات المسيرة والصواريخ الروسية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك