في سلسلة حوادث مروعة، تصاعدت وتيرة العنف الأسري في مصر، كان آخرها إقدام أب على إطلاق النار على زوجته وطفليه على الطريق الدائري بالقاهرة، مما أسفر عن وفاة ابنته البالغة من العمر ثلاث سنوات، بينما نجت الأم والطفل الرضيع.
دوافع العنف الأسري
وتأتي هذه الواقعة بعد أيام قليلة من حادث مماثل في محافظة قنا، حيث أقدم أب على طعن نجليه وشقيقه إثر خلافات متصاعدة، وفي واقعة أخرى هزت ضاحية الشروق بالقاهرة الجديدة، أقدمت أم على خنق أطفالها الثلاثة وسلمت نفسها للشرطة، معترفة بالجريمة بسبب مخاوفها على مستقبلهم وضائقتها المالية بعد الانفصال عن زوجها.
أسباب تفشي الظاهرة
تعزو أستاذة علم الاجتماع، هالة منصور، تصاعد جرائم العنف العائلي إلى عدة عوامل، أبرزها تفاقم المشكلات الاقتصادية والضغوط المعيشية، إضافة إلى ضعف الروابط الاجتماعية الأسرية والجيرة بسبب الانشغالات وتغير نمط الحياة.
العلاقات الاجتماعية المتراجعة
وتضيف منصور أن تراجع العلاقات الاجتماعية وتحولها إلى علاقات سطحية أدى إلى فقدان الأفراد متنفسًا للتعبير عن مشكلاتهم، ما قد يدفعهم إلى الانفجار نتيجة لتراكم الضغوط، مع ضعف الوازع الديني الحقيقي وشيوع التدين الشكلي.
التراجع الثقافي واستسهال زهق الأرواح
من جانبه، يرى أستاذ علم النفس، الدكتور جمال فرويز، أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها مصر بعد حرب 1967 لم تشهد انتشارًا للعنف الأسري كالذي نشهده اليوم، ويعزو ذلك إلى حالة من التراجع الثقافي واستسهال زهق الأرواح كوسيلة للتخلص من الأزمات.
تأثير وسائل التواصل
يشير فرويز إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي وما تعرضه من مشاهد دموية، بالإضافة إلى زيادة حدة العصبية والانفعال، كلها عوامل تدفع نحو ارتكاب الجرائم، خاصة مع غياب مرجعية ثقافية راسخة وتراجع دور المؤسسات الدينية والمجتمع في التعامل مع هذه المشكلات.
إحصائيات مقلقة للعنف ضد المرأة
وثّق تقرير حقوقي صادر عن مؤسسة “إدراك للتنمية والمساواة” وقوع 1195 جريمة عنف ضد الفتيات والنساء خلال العام الماضي، وتصدرت جرائم القتل قائمة العنف بواقع 363 جريمة، منها 261 جريمة قتل نتيجة لعنف أسري.
الطعن الأكثر شيوعًا
وكشف التقرير أن الطعن بالسكين هو الأسلوب الأكثر شيوعًا في ارتكاب هذه الجرائم، بنسبة 23.1 في المائة من إجمالي الجرائم الموثقة.
دور الدولة والمجتمع المدني
يشدد جمال فرويز على ضرورة قيام الدولة ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية بتسليط الضوء على المشكلات الأسرية والعمل على إعادة بناء الروابط الاجتماعية بين الأفراد من خلال خطط إعلامية ممنهجة للحد من هذه الجرائم.
تعزيز الوعي الأُسري السليم
تتفق هالة منصور مع هذا الرأي، مؤكدة على وجود قصور في الوعي بشأن بناء الأسرة السليمة وتفهم ضغوط الحياة، والعمل على مواجهتها يتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأطراف في المجتمع.