الأحد 29 يونيو 2025
spot_img

بـ65 مليون دولار.. الدنمارك تعزز قدرات قواتها بمركز تدريب متطور

وقعت وزارة الدفاع الدنماركية اتفاقية بقيمة 65 مليون دولار مع شركة الدفاع السويدية العملاقة “ساب” لإنشاء مركز تدريب قتالي متطور، في خطوة هامة لتحديث البنية التحتية للتدريب العسكري في الدنمارك.

ومن المقرر أن تبدأ عمليات التسليم بين عامي 2025 و2027، لتزويد القوات الدنماركية بأنظمة تدريب متطورة للجنود والمركبات، وأسلحة تدريب متخصصة مضادة للدبابات والقناصة، وأنظمة اتصالات، وبرامج متطورة للتحكم في التدريبات. وستقدم “ساب” أيضًا دعمًا تدريبيًا مستمرًا في أربعة مواقع محددة في جميع أنحاء الدنمارك.

جاهزية عسكرية متزايدة

تأتي هذه الخطوة في إطار التزام كوبنهاغن بتعزيز جاهزيتها العسكرية وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في أوروبا، لا سيما في منطقة البلطيق، حيث يواجه الجناح الشمالي لحلف شمال الأطلسي “الناتو” تحديات متزايدة.

العمود الفقري التكنولوجي

يكمن جوهر مركز التدريب القتالي الجديد في مجموعة من الأنظمة المتقدمة المصممة لمحاكاة سيناريوهات القتال الواقعية بدقة غير مسبوقة، بما في ذلك أنظمة تدريب الجنود والمركبات التي تستخدم تقنية الليزر لمحاكاة الاشتباكات.

تتيح هذه الأنظمة للقوات ممارسة المناورات والتكتيكات في بيئة خاضعة للرقابة، حيث يمكن تتبع وتحليل كل إجراء، من حركة الجندي إلى تمركز السيارة. كما تمكن أسلحة التدريب المضادة للدبابات والقناصة، المصممة لتحقيق الواقعية، القوات الدنماركية من صقل المهارات اللازمة لمواجهة التهديدات المدرعة واستهداف الأهداف بدقة.

برنامج EXCON المتطور

يعتبر برنامج التحكم في التدريبات EXCON، بمثابة العقل المدبر لمركز التدريب، حيث يقوم بجمع البيانات في الوقت الفعلي أثناء التدريبات، مما يتيح إجراء مراجعات تفصيلية بعد التدريب لتحليل أداء الوحدة وتحديد الأخطاء وتحسين التكتيكات.

يتكامل هذا البرنامج مع أجهزة المحاكاة الليزرية المتوافقة مع معيار OSAG 2.0، وهو بروتوكول للمحاكاة الباليستية الواقعية التي تعزز إمكانية التشغيل البيني مع حلفاء الناتو.

الاستعداد للتهديدات الهجينة

يجهز مركز التدريب القتالي الدنمارك للتصدي لمجموعة واسعة من التهديدات، بدءًا من الهجمات المدرعة التقليدية وصولًا إلى تكتيكات الحرب الهجينة التي تشمل قوات غير نظامية وتقنيات متطورة.

وتقوم أنظمة التدريب المضادة للدبابات، على سبيل المثال، بمحاكاة الاشتباكات مع المركبات المدرعة الحديثة، مما يعكس القلق المتزايد بشأن القدرات العسكرية الروسية في منطقة البلطيق.

دور برنامج EXCON المحوري

يلعب برنامج EXCON دورًا محوريًا من خلال توفير معلومات دقيقة ومفصلة. فخلال التدريبات، يتتبع البرنامج تحركات الأفراد والوحدات، واستخدام الأسلحة، وأنماط الاتصال، ويقوم بإنشاء تقارير يمكن للقادة استخدامها لتحسين التكتيكات.

ويمكن تحليل اللقطة المحاكاة للجندي لتحديد دقتها وتأثيرها، مما يسمح للمدربين بتصحيح الأخطاء في الوقت الفعلي، ويضمن اعتماد الجيش الدنماركي لهذه التكنولوجيا تدريب قواته على سيناريوهات مثل القتال في المناطق الحضرية أو عمليات مكافحة الكمائن.

تعاون دفاعي متين

يستند عقد مركز التدريب القتالي إلى تاريخ طويل من التعاون بين “ساب” والدنمارك، حيث سبق للدنمارك أن حصلت على قاذفة القنابل “Carl-Gustaf M4” من “ساب”، وهي قاذفة خفيفة الوزن عيار 84 ملم قادرة على إطلاق مجموعة من الذخائر، من قذائف مضادة للدبابات إلى قذائف إضاءة.

يُعزز استخدام الدنمارك لهذا النظام، المدمج في وحدات المشاة التابعة لها، قدرتها على مواجهة التهديدات المدرعة، وهي القدرة التي يعززها الآن مركز التدريب من خلال أجهزة محاكاة مضادة للدبابات.

دور حيوي في الدفاع الأوروبي

يأتي هذا الاستثمار في منعطف حرج للأمن الأوروبي، فمنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، كثف أعضاء الناتو الإنفاق الدفاعي، حيث أعطت دول مثل بولندا ودول البلطيق الأولوية للتحديث السريع. وتلعب الدنمارك، التي تحتل موقعًا استراتيجيًا بالقرب من بحر البلطيق، دورًا حيويًا في تأمين الجناح الشمالي للناتو.

وتعكس طبيعة مركز التدريب، الذي يركز على التهديدات الهجينة، التغيير في طبيعة الحرب، ومع ذلك، فإن الاستثمار البالغ 65 مليون دولار يثير تساؤلات حول نطاقه، فمع تطور تهديدات مثل الأنظمة الجوية غير المأهولة والحرب الإلكترونية، فهل يوفر إعداد الدنمارك المكون من أربعة مواقع المرونة اللازمة لمواجهة هذه التحديات بشكل شامل؟

ثغرات محتملة في التدريب

يعالج مركز التدريب القتالي التابع لـ “ساب” أوجه القصور الرئيسية في الاستعداد العسكري للدنمارك، لا سيما في التدريب التكتيكي للحرب غير المتكافئة والمضادة للدبابات، وتسمح القدرة على محاكاة الاشتباكات ببيانات عالية الدقة للقادة بتحسين الاستراتيجيات ضد التهديدات.

وتجدر الإشارة إلى أن غياب أجهزة محاكاة لأنظمة إطلاق النار غير المباشر، مثل قذائف الهاون أو المدفعية، يمثل إحدى الثغرات الملحوظة، وهي أنظمة بالغة الأهمية لعمليات الأسلحة المشتركة الحديثة.

مستقبل التدريب القتالي

يضع اعتماد الدنمارك لأنظمة “ساب” في طليعة تكنولوجيا التدريب العسكري. ويضمن معيار OSAG 2.0 المستخدم في مركز التدريب التوافق مع حلفاء الناتو، مما يسهل التدريبات المشتركة التي تحاكي عمليات التحالف الواقعية.

وبالنظر إلى المستقبل، فإن دمج أجهزة المحاكاة للطائرات بدون طيار أو الحرب الإلكترونية يمكن أن يُعد القوات الدنماركية للتهديدات الناشئة. وتشير شراكة “ساب” مع “Maxar Intelligence”، التي تم الإعلان عنها في يونيو 2025، لتطوير تطبيقات بيانات جغرافية مكانية للدفاع، إلى التطورات المستقبلية في الوعي الظرفي التي يمكن أن تعزز واقعية التدريب.

خطوة استراتيجية هامة

يمثل عقد الدنمارك مع “ساب” البالغ 65 مليون دولار خطوة كبيرة في تحديث تدريبها العسكري، وتجهيز قواتها بالأدوات اللازمة لمواجهة التهديدات التقليدية والهجينة على حد سواء.

ومع ذلك، مع مواجهة أوروبا لمشهد أمني متزايد التقلب، تظل الأسئلة قائمة حول ما إذا كان بإمكان مواقع التدريب الأربعة والميزانية البالغة 65 مليون دولار أن تعالج بشكل كامل نطاق وتنوع التحديات المستقبلية، فهل يثبت النهج الذي تركز عليه كوبنهاغن أنه كافٍ، أم أنها ستحتاج إلى التوسع لتلبية متطلبات بيئة جيوسياسية لا يمكن التنبؤ بها؟

اقرأ أيضا

اخترنا لك