مع الاحتفال بالذكرى الرابعة عشرة لـ”ثورة 17 فبراير” في ليبيا، تتجدد التساؤلات حول مدى تحقيق الأهداف المنشودة، فضلاً عن التأخير المستمر في إجراء الانتخابات العامة.
خلافات مستمرة
قال عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، إن الخلافات بين الأفرقاء الليبيين نشبت بعد نجاح الثورة، مشيرًا إلى أن تلك الخلافات كانت علامة على صعوبة تقبل فكرة وجود حاكم واحد يهيمن على السلطة والثروة.
وأوضح التكبالي في حديثه مع “الشرق الأوسط” أن “سقوط القذافي أتى بأكثر من مائة ديكتاتور جديد من قادة الجماعات المسلحة. هؤلاء استغلوا الفراغ المؤسسي ليفرضوا إرادتهم بناءً على حجم قوّاتهم العسكرية والمناطق التي يسيطرون عليها”.
تدخلات خارجية
أضاف التكبالي أن هذه المجموعات المسلحة عقدت تحالفات مع دول خارجية وقوى محلية، والتي بدورها عجزت عن إقامة مشروع سياسي خاص بها. وقد أدت التدخلات الخارجية من دول كبرى وإقليمية إلى تعزيز نفوذ هذه الجماعات.
ويؤكد التكبالي أنه دون ضغط حقيقي من المجتمع الدولي، بما في ذلك البعثة الأممية، سيكون من الصعب تشكيل حكومة موحدة تمهد الطريق لإجراء الانتخابات الرئاسية وحماية نتائجها.
انقسامات سياسية
تتنازع السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، والأخرى مُكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.
من جهة أخرى، أشار عضو “المجلس الأعلى للدولة”، محمد معزب، إلى أن الخوف من عودة “شبح القذافي” ساهم في مقاومة شعبية لفكرة تولي شخصية جديدة السلطة، لكن المزاج العام تغيّر الآن للأسوأ بخصوص المطالب بتحديد صلاحيات الرئيس واشتراط الترشح.
فشل المبعوثين الدوليين
معزب أعرب عن اعتقاده بأن فشل جهود تسعة مبعوثين أمميين في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين قد يؤدي إلى الاكتفاء بإجراء انتخابات تشريعية، على أن يقوم البرلمان الجديد بوضع قوانين انتخابية شاملة.
أما المحلل السياسي محمد محفوظ، فاعتبر أن الوصول إلى الانتخابات الرئاسية مرتبط بضرورة إقرار دستور جديد للبلاد، مشيرًا إلى أن أحد أكبر إخفاقات المسار السياسي كان عدم تقديم مشروع للدستور، الذي أُعد قبل سبع سنوات.
العقبات أمام الحلول
على الرغم من الإشادة بالمبادرة السياسية الجديدة للبعثة الأممية، يرى محفوظ أن هناك عقبات هائلة تحول دون نجاح هذا المشروع بسبب رفض بعض الأطراف بقاءهم خارج العملية السياسية.
بدوره، أكد مدير “مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية”، محمد الأسمر، على أهمية استقرار البلاد وجدية المجتمع الدولي في السعي لإجراء الانتخابات، مشددًا على أن هذه الأمور ما زالت مفقودة.
فوضى التشريعات
ذكر الأسمر أن المؤسسة التشريعية تعاني من انقسامات منذ بداية الثورة، مشيرًا إلى أن عام 2022 شهد استئناف الانقسام مع ظهور حكومتين. وهذا الوضع يعقد من إمكانية إجراء الانتخابات، التي تحتاج إلى تشريعات وسلطة تنفيذية متوحدة.
كما انتقد الأسمر تساهل المجتمع الدولي فيما يتعلق بتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر 2021، حيث لم تُتخذ خطوات جادة للتحقيق في عرقلة العملية الانتخابية.
لا بوادر أمل
خلص الأسمر إلى أنه لا توجد مؤشرات واضحة تلوح في الأفق حول حل الأزمة الليبية واقتراب البلاد من إجراء الانتخابات، حيث لا يزال النزاع قائمًا حول الإطار القانوني ومَن سيتولى تنفيذها.