اجتاحت العلاقات الجزائرية – الفرنسية توترات حادة، حيث أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية في وثيقة رسمية عن منع موظفيها وعائلاتهم من السفر إلى فرنسا، وذلك في إطار تدابير احترازية لمواجهة التوترات الدبلوماسية المستمرة منذ ثمانية أشهر.
منع السفر إلى فرنسا
صدرت الوثيقة، بتاريخ 13 مارس 2025، عن مدير الموارد البشرية بوزارة الخارجية، حيث دعت جميع الموظفين والأطر إلى إلغاء أي تنقلات إلى فرنسا، بما في ذلك الرحلات الخاصة والسياحية. كما أكد القرار ضرورة عدم المرور عبر المراكز الحدودية الفرنسية عند السفر إلى دول أخرى.
وذكر القرار، المنسوب إلى أمين عام الوزارة، أهمية بلاغات هذه التعليمات للمسؤولين، مشددًا على ضرورتها في إطار الإجراءات الاحترازية المعتمدة.
أسباب احترازية
تشير “التدابير الاحترازية” إلى تفادي تكرار حالات منع السلطات الفرنسية دخول مسؤولين جزائريين وأفراد عائلاتهم، كوسيلة للرد على رفض الجزائر استلام مهاجرين جزائريين صدر بحقهم أوامر طرد. مثلت هذه القضية أزمة معقدة في العلاقات الجزائرية – الفرنسية منذ يوليو 2024، حين عبرت الجزائر عن استيائها من انحياز باريس للطرح المغربي حول قضية الصحراء.
شملت إجراءات المنع حاملي جواز السفر الدبلوماسي، بما في ذلك الوزراء الحاليين والمتقاعدين وأفراد عائلاتهم. وفي تطور آخر، أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بأن شرطة الحدود بمطار باريس منعت دخول زوجة السفير الجزائري بمالي، رغم حيازتها لوثائق إقامة سارية في فرنسا.
تصريحات الوزير الفرنسي
في نهاية فبراير الماضي، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان لوي بارو أن حكومته اتخذت إجراءات لمنع بعض المسؤولين الجزائريين من تجاوز الحدود في المطارات الفرنسية، معلقًا بأن هذه الإجراءات ممكن انعكاسها في حال استئناف التعاون الأمني المطلوب من الجزائر.
وفي بيان رسمي، أكدت الخارجية الجزائرية أن المسألة تتعلق بحالتين لم تُذكر تفاصيلهما، مشيرة إلى استغرابها من عدم إبلاغها بذلك، وهو ما يتعارض مع اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية.
تعمق الخلافات
يرجع بعض الخبراء هذه التوترات إلى مطالب فرنسية بتعديل اتفاقيات تتعلق بالهجرة وقضايا متعددة أخرى، حيث يطالب بعض السياسيين اليمينيين بإلغاء اتفاقية عام 2007 الخاصة بتخفيف القيود على التنقل بين البلدين.
وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو يتبوأ مكانة متقدمة في تنفيذ إجراءات ترحيل الجزائريين، مما أدي إلى زيادة التوترات، خاصة بعد ترحيل العديد منهم بزعم نشاطات تتعلق بالعنف، رغم عودة الجزائر إلى استعادة المواطنين في نفس طائرات الإعادة.
محاولة التهدئة
في ظل تصاعد الأوضاع، ظهرت مؤشرات تشير إلى رغبة في التهدئة بعد تصريحات إيجابية من الرئيسين الجزائرية عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون. أفادت مصادر جزائرية بزيارة مسؤول من الإليزيه إلى الجزائر لترتيب زيارة لوزير الخارجية الفرنسي خلال شهر أبريل المقبل.
وقد أعرب مسؤولون جزائريون عن رغبتهم في حل الخلافات مع فرنسا تدريجيا، مشددين على أن وقف الاستفزازات من جانب وزير الداخلية يعد شرطًا أساسيًا لتيسير العلاقات. وفي حوار متلفز، أكد الرئيس تبون أهمية التواصل المباشر مع ماكرون، مشيرًا إلى ضرورة إلغاء التصعيد الإجرائي المتمثل في عملية ترحيل الجزائريين المشتبه بانتمائهم لنشاطات عنيفة.