يثير تعيين الملياردير إيلون ماسك، من قبل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، رئيساً مشاركاً للجنة الكفاءة الحكومية DOGE، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية بواشنطن. يأتي ذلك في الوقت الذي يتصاعد فيه نفوذ ماسك في اتخاذ القرارات السياسية، مما يثير مخاوف بشأن الأبعاد المحتملة لتضارب المصالح بين الطموحات العامة والمصالح الخاصة للمعنيين.
ترتكز أهمية انضمام ماسك إلى هذا المنصب على خلفية خبراته الواسعة في قطاع التكنولوجيا، بالإضافة إلى دعمه الملحوظ لحملة ترمب الانتخابية لعام 2024، مما يعكس تحالفًا غير مسبوق بين الثروة الشخصية والسلطة الحكومية.
نفوذ ماسك السياسي
برز ماسك في الآونة الأخيرة كفاعل رئيسي في تشكيل السياسات المالية خلال إدارة ترمب، حيث دعا إلى تقليص كبير في الإنفاق الفيدرالي، مع اقتراحاته بتخفيضات تصل إلى 2 تريليون دولار لمعالجة العجز الوطني.
كما لعب دورًا محوريًا في أزمة مشروع التمويل المؤقت للحكومة، مما أجبر رئيس مجلس النواب مايك جونسون على سحب المشروع بعد انتقادات من ماسك عبر منصة (إكس)، وذلك قبل أن يتاح لرئاسة ترمب فرصة إبداء الرأي.
تتوافق مقترحات ماسك مع رؤيته لتقليص دور الحكومة، وهو ما يتماشى مع خطط الكفاءات التشغيلية التي يعتمده في شركات مثل تسلا وسبايس إكس. ومع ذلك، يحذر النقاد من أن هذه التخفيضات قد تسفر عن تداعيات سلبية على جودة الخدمات الأساسية.
تحذيرات خبراء الاقتصاد
وفقًا لتقرير Investopedia، من المتوقع أن يزداد العجز الفيدرالي في عام 2025 بسبب التخفيضات الضريبية التي ينوي ترمب فرضها، مما يشير إلى أن التخفيضات التي يقترحها ماسك قد لا تتناسب مع العجز المتوقع.
يثير موقف ماسك بشأن برنامج تأشيرات H-1B جدلًا داخل الحزب الجمهوري، إذ يعارض بعض أعضائه توسيع نطاق الهجرة. بينما يسعى ماسك لتوسعة البرنامج لجذب أفضل العقول إلى قطاع التكنولوجيا، فإن جبهة “ماجا” تعارض ذلك، مما يخلق استقطابًا بين الجانبين.
وبيّنت صحيفة The Times أن الجدل حول تأشيرات H-1B أظهر مواجهة ثقافية بين قادة وادي السيليكون ومؤيدي ترمب، مما يسلط الضوء على تعقيد هذه القضية.
تضارب المصالح
يحذر الديمقراطيون من وجود تضارب محتمل بين دور ماسك الحكومي ومصالح شركاته الخاصة، مثل تسلا وسبايس إكس، التي تستفيد من العقود الحكومية.
ويؤكد عدد من المراقبين على أن تأثير ماسك في القرارات المتعلقة بالميزانية قد يوجه التمويل نحو القطاعات التي تعزز من ربحية شركاته. وأظهرت التقارير أن تعيينه في الفريق الحكومي لترمب ساعده في مضاعفة ثروته وزيادة قيمة أسهم شركة تسلا بنسبة 90%.
تزداد التساؤلات حول مشاركة ماسك في السياسة الخارجية إلى جانب ترمب، ويعتبر تفاعلها مع القادة الدوليين علامة على تضارب محتمل بين المصالح الوطنية والمكاسب التجارية.
تحديات التخفيضات الميزانية
تشكل البرامج الأساسية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية جزءًا كبيرًا من الميزانية الفيدرالية، ويعد التقليص منها سياسيًا تحديًا كبيرًا. وإلى جانب المدفوعات المرتبطة بخدمة الدين العام، تصل الميزانية إلى 6 تريليونات دولار، حيث يعتبر الضمان الاجتماعي أكبر هذه البرامج.
مما يجعل استهداف الإنفاق التقديري، الذي يتضمن تخفيضات مقترحة من قبل ماسك، يبدو بعيدًا عن الواقع، إذ يواجه صعوبة في التنفيذ دون التأثير على خدمات الناس الأساسية.
وفقًا لتقرير The Washington Examiner، كان تمويل الحكومة الفيدرالية في السنة المالية 2023 قد أظهر أن 3.8 تريليون دولار منها كانت مخصصة للإنفاق الإلزامي، مما يعكس قلة الفرص للتقليص بشكل كبير.
دور ماسك في الحملة الانتخابية
جزء كبير من تأثير إيلون ماسك في إدارة ترمب مرتبط بدعمه المالي الكبير الذي قدمه لحملة الانتخابات الرئاسية لعام 2024، حيث عُرف بمساهمته البارزة.
تجاوزت مساهماته في الحملة 250 مليون دولار، وبذلك، أصبح شخصية محورية في جهود إعادة انتخاب ترمب.
عزز ماسك من تأثيره بشكل لا يقتصر على الدعم المالي فقط، بل أصبحت مشاركاته فعالة في استراتيجيات الحملة، حيث أسس لجنة العمل السياسي America PAC، ودعمت مساهماته 91% من الأموال المعلنة فيها، مما ساعد في حشد الناخبين.
عزز دعم ماسك العلني والشخصي بفعالية جهود ترمب الانتخابية، خاصة بين الفئات الشابة والأكثر اتصالًا بالتكنولوجيا، حيث استفاد من عدد متابعيه الكبير على منصات التواصل لتوجيه الرأي العام لصالح ترمب.
تميز دعم ماسك الاقتدار بتصورات تدل على قدرة الرئيس المنتخب على التوافق مع مصالحه، مما يثير من المخاوف بشأن الفصل بين الخدمة العامة والمصالح الخاصة، وذلك وفقًا للآراء النقدية.
أصبح ما يُعرف بـ “الرئيس غير المنتخب” من بعض المراقبين صفة ترتبط ما بين ماسك ونفوذه المتزايد على الساحة السياسية، مما يعكس تأثيره الملحوظ على السياسات الوطنية دون أن يتعرض لأي تجاذبات انتخابية رسمية.
تساهم مواقفه السياسية وظهوره النشط في الأبعاد العامة في تغذية هذه التصورات، مُحدثةً بذلك تأثيرات ملموسة على صانعي القرار.