تتزايد التحديات الناجمة عن استخدام التكنولوجيا المتقدمة في العمليات العسكرية في القطب الشمالي، حيث تؤثر الظروف المناخية القاسية على فعالية المعدات العسكرية. وأظهر تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” أن الاختبارات الميدانية تكشف عن الصعوبات الكبيرة التي تواجهها الدول في هذا الإطار.
تحديات التكنولوجيا
خلال مناورات عسكرية جرت في كندا مطلع هذا العام، تعطلت المركبات البرمائية الأمريكية المجهزة للعمليات في القطب الشمالي بعد نصف ساعة فقط بسبب تجمد السوائل الهيدروليكية بفعل البرودة القاسية. كما تأثرت أجهزة الرؤية الليلية المقدمة للجنود السويديين بشكل مشابه، حيث لم تتمكن من الصمود أمام درجات حرارة وصلت إلى 40 درجة فهرنهايت تحت الصفر.
أشار إريك سليسينجر، الضابط السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، إلى أن “القطب الشمالي هو الخصم الأقوى”، في ظل إدارة رأس المال المغامر لشركة تدعم ابتكارات في مجال الدفاع تهدف إلى مواجهة التحديات الفريدة في المنطقة.
تصاعد التنافس الدولي
تماشياً مع التغيرات المناخية، تزداد التوترات بين القوى الكبرى في القطب الشمالي، حيث تكتسب الموارد الطبيعية أهمية متزايدة. وتفوقت روسيا عسكرياً في المنطقة، مع وجود قواعد غواصات نووية وصواريخ، مما يزيد من المخاوف الأمريكية والكندية حول الأمن الإقليمي.
تواجه الدول المعنية قلقاً متزايداً حول الصواريخ الروسية، خاصة في ظل التهديد بوجود حدود مشتركة مع النرويج وفنلندا. وقد رجحت “وول ستريت جورنال” أن أي صراع في المنطقة سيعني العودة إلى الأساسيات، نظراً لتأثير الظروف الجوية على المعدات العامة.
العمليات التشغيلية المعقدة
تؤدي الظروف المناخية إلى مشاكل تتعلق بالتشغيل الفعال للمعدات. فالبرد القارس يجعل المكونات الهشة عرضة للتعطل، بينما يجعل تشكل الجليد من الصعب الحفاظ على أنواع معينة من المعدات، من مضخات إلى أنظمة اتصالات.
تتجمد آثار الماء في شكل بلورات جليدية وتؤدي إلى انسدادات محتملة، فيجب استخدام مواد خاصة للرطوبة بدلاً من المواد التقليدية. كما تزداد كثافة زيوت التشحيم إلى حد التجمد، مما يؤثر سلباً على نظم الحركة الهيدروليكية.
خطر التشويش
تمثل الأضواء الشمالية عائقاً إضافياً بالنسبة للمخططين العسكريين، إذ تشتت الاتصالات اللاسلكية وأنظمة الملاحة. يحدث هذا بسبب تفاعل الجسيمات الشمسية مع المجال المغناطيسي، مما يؤثر على دقة البيانات في الظروف الباردة.
تزايدت حالات فشل نظام تحديد المواقع العالمي في المناطق الشمالية بسيد النرويج، ووصل عددها إلى 122 حالة في عام 2022، مما يشير إلى تفاقم التهديدات الناجمة عن الظروف المناخية القاسية.
التقنيات الجديدة
أظهرت الأوضاع في أوكرانيا أهمية دور الشركات الناشئة في ابتكار حلول لتحديات التكنولوجيا العسكرية. حيث أطلق المستكشفان البريطانيان شركة جديدة تركز على تطوير أنظمة ذاتية التشغيل تناسب الظروف القاسية في القطب الشمالي.
يعمل صندوق برتقالي يحمل اسم “آيس لينك”، كحل اتصالات فعال، ويضم هوائيات متخصصة وبطاريات تدوم لفترة أطول في الظروف القاسية.
القيود الجغرافية والبيانات
تختلف الظروف في القطب الشمالي بشكل جذري عن مناطق النزاع الأخرى. تفسح الكثافة السكانية لشمال أوكرانيا المجال لتوفر كميات كبيرة من البيانات مما يسهل عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي. في حين أن القطب الشمالي يفتقر إلى هذه المرافق والبنية التحتية، ما يحد من فعالية هذه الأنظمة.
مع تزايد النشاط العسكري، يتعين على المخططين العسكريين والشركات التكيف مع ظروف البيئة القاسية. زاد التشويش المتعمد على نظم الاتصال، ما يلقي بظلاله على القدرة على تنفيذ العمليات العسكرية بكفاءة في القطب الشمالي.
أصبح موضوع الاستجابة لتحديات القطب الشمالي من الأمور الحيوية، حيث وُجهت الدعوات للبحث عن حلول تعكس الواقع المعقد والمتغير في تلك المنطقة.


