spot_img
السبت 27 ديسمبر 2025
18.4 C
Cairo

العراق يواجه أزمة مالية وسياسية مع بداية 2026

spot_img

يواجه العراق تحديات متزايدة مع بداية عام 2026، تتمثل في تأخر رواتب حوالي 8 ملايين موظف ومتقاعد، وتعثر تشكيل حكومة جديدة، مما يزيد من حدّة النقاش حول تحويل محافظة البصرة الغنية بالنفط إلى إقليم. تعكس هذه الأزمات المتداخلة عمق الاختلالات السياسية والمالية في البلاد.

مع اقتراب نهاية عام 2025، لم يحصل موظفو الدولة على رواتبهم عن الشهر الأخير، مما أثار قلقاً واسعاً بين شريحة تعتمد بشكل كبير على الدخل الحكومي، في بلد يشكل فيه القطاع العام العمود الفقري للاقتصاد.

تؤكد وزارة المالية بانتظام أن الرواتب مؤمّنة، وتنفي وجود أزمة سيولة، لكن هذه التصريحات لم تعزز ثقة الموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية، وسط استمرار الشلل السياسي.

انسداد سياسي

تتزامن هذه الأزمة المالية مع شلل سياسي حاد، حيث فشلت القوى السياسية في التوصل إلى توافق بشأن شاغلي الرئاسات الثلاث: رئاسة البرلمان، ورئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء.

يشير المحللون إلى أن غياب حكومة كاملة الصلاحيات يقيد قدرة الدولة على اتخاذ قرارات مالية حساسة، بما في ذلك إدارة الإنفاق العام وضمان انتظام صرف الرواتب في ظل تزايد الديون وتراجع ثقة الشارع بالمؤسسات الحكومية.

يعتبر التعثر السياسي امتداداً لأزمة بنيوية، حيث لم تنجح الطبقة السياسية، على مر السنوات، في بناء آليات مستدامة للحكم، رغم وجود الموارد النفطية الكبيرة في العراق.

أزمة إقليم البصرة

على صعيد متصل، برزت أزمة جديدة في أواخر عام 2025 مع إعلان مجلس محافظة البصرة عزمه التصويت لإجراءات تحويل المحافظة إلى إقليم فيدرالي.

على الرغم من أن الدستور العراقي يتيح تشكيل الأقاليم، إلا أن التجربة كانت محصورة في إقليم كردستان، الذي يتمتع بوضع خاص منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003.

طوال العقدين الماضيين، واجهت دعوات تحويل محافظات أخرى إلى أقاليم رفضاً سياسياً واسعاً، بحجة أنها تمهّد لتقسيم البلاد، خصوصاً تلك المطالب الخاصة بمحافظات مثل الأنبار، حيث وُجهت اتهامات بالسعي نحو إنشاء “دولة سنية”.

القلق الاقتصادي

لكن مسألة البصرة تأخذ بُعدًا خاصًا وفقاً للمراقبين، ليس فقط من الناحية السياسية أو الطائفية، بل بسبب ثقلها الاقتصادي. فالبصرة تُنتج أكثر من 80% من النفط العراقي، مما يجعل أي خطوة نحو استقلال نسبي مصدر قلق لبغداد.

تخشى الحكومة الاتحادية من أن تحويل البصرة إلى إقليم قد يضعف سيطرتها على أهم مورد مالي، بينما تعاني في الأساس من نزاعات مستمرة مع إقليم كردستان بشأن عائدات النفط والمنافذ الحدودية.

يعتقد الخبراء أن فتح “جبهة مالية” جديدة مع إقليم نفطي كالبصرة قد يشكل تحدياً كبيراً، لا سيما في ظل استمرار الاضطرابات السياسية.

الصراعات المحتملة

في المقابل، يحذر البعض من أن تمدد منطق الأقاليم قد يؤدي إلى صراعات داخلية على الموارد، بما في ذلك المياه، في بلد يعاني من شحّ مائي وتغيرات مناخية متسارعة.

بين تأخر الرواتب وانسداد الأفق السياسي، يبدو أن العراق يسير نحو عام جديد مليء بالتحديات والأزمات دون حلول جذرية. يرى المراقبون أن الوضع الحالي لا يعدو كونه “تدوير للأزمات”، حيث تظل المشكلات بلا معالجة بنيوية، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي في بلد يعتمد ملايين مواطنيه على الدولة كمصدر وحيد للدخل.

اقرأ أيضا

النشرة الإخبارية

اخترنا لك