أثارت الضربة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة ضد مسلحي تنظيم “داعش” في نيجيريا، بتكليف من الحكومة هناك، انطباعات قوية حول عودة خطر التنظيم في ظل مخاوف متزايدة من استئناف نشاطاته بعد هزيمته الساحقة في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصة “تروث سوشيال” أن تنظيم “داعش” يركز في نيجيريا على استهداف المسيحيين بمعدلات لم تُشهد منذ عدة سنوات.
تاريخ تنظيم “داعش”
نشأ تنظيم “داعش” في العراق وسوريا، حيث أسس ما يسمى “الخلافة”، ليحل محل تنظيم القاعدة الأكثر تشددًا. في ذروته بين عامي 2014 و2017، تمكن التنظيم من السيطرة على مساحات شاسعة وفرض سلطته على ملايين الناس، حيث كان معقله على بعد 30 دقيقة فقط من بغداد، وامتد نفوذه حتى إلى مدينة سرت الليبية.
طبقًا لرؤيته، عزم “داعش” على إنشاء حكومة مركزية، مُتبنيًا تفسيرًا متشددًا للشريعة الإسلامية، ومرتكبًا عدداً من الفظائع بدءًا من عمليات الإعدام العلنية وصولًا إلى التعذيب. كما شهدت عشرات المدن حول العالم هجمات نفذها التنظيم، إما مباشرةً أو من خلال عناصر تأثرت بفكره.
في نهاية المطاف، قادت حملة عسكرية بقيادة الولايات المتحدة إلى انهيار “الخلافة”، والتي اتخذت من العراق وسوريا مراكز قوتها.
التواجد الحالي للتنظيم
بعد طرده من الرقة السورية والموصل العراقية، لجأ عناصر “داعش” إلى المناطق النائية. ورغم الضغوط، لا يزال للتنظيم وجود في أجزاء من سوريا والعراق، وكذلك بعض المناطق في أفريقيا وأفغانستان وباكستان.
يتوزع مقاتلو التنظيم في خلايا مستقلة، مما يصعب تقدير حجمه الكلي، حيث تشير التقديرات إلى أن عدد أعضائه يبلغ حوالي 10 آلاف. وقد انضمت مجموعات متعددة من الأجانب إلى “داعش – ولاية خراسان”، الذي يشير إلى منطقة تضم أجزائها الحالية أجزاء من إيران وتركمانستان وأفغانستان.
إضافة إلى ذلك، لا تزال هناك خلايا مرتبطة بالتنظيم ناشطة في مناطق معينة بجنوب الفلبين، حيث شهدت مدينة ماراوي حالة من السيطرة من قبل مسلحين موالين في عام 2017.
استراتيجية التنظيم
يسعى “داعش” إلى نشر نسخته المتطرفة من الشريعة، ولكنه تبنى أساليب جديدة بعد سلسلة من الانتكاسات في الشرق الأوسط. الآن، يتم توزيع أعمال التنظيم من خلال مجموعات فرعية أو أفراد يستلهمون هذه الأفكار.
لا يزال التنظيم يحتفظ بقدرة تنفيذ هجمات فعالة، حيث يعلن عن مسؤوليته عبر تطبيق “تلغرام”، مصطحبًا تلك الإعلانات بصور تثير الذعر.
على الرغم من أن المقاتلين في مناطق متعددة يشتركون في نفس الأيديولوجية، لا توجد أي دلائل تؤكد تبادلهم للأسلحة أو التمويل.
تشير المعلومات إلى أن قائد التنظيم الحالي هو عبد القادر مؤمن، الذي يرأس الفرع في الصومال.
هجمات حديثة
أثار الهجوم الذي شهدته أستراليا خلال مناسبة عيد الأنوار تساؤلات حول إمكانية عودة أفراد تأثروا بفكر “داعش” لتنفيذ هجمات جديدة. حيث قُتل 15 شخصًا في هذا الهجوم، والذي تشير الأخبار إلى ارتباطه بالتنظيم.
وفي سوريا، أعلنت الحكومة عن تعاونها مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة “داعش”، حيث شهد هذا الشهر مقتل جنود ومترجم أمريكيين على يد أحد أفراد قوات الأمن السورية.
في رد فعل على هذه التطورات، أطلقت القوات الأمريكية ضربات واسعة النطاق ضد أهداف للتنظيم في سوريا. أعرب “داعش” عن كراهيته للرئيس السوري، الذي وصفه بأنه “فتى ترامب”، متهماً إياه بالخيانة.
التنظيم يستمر في تنفيذ عمليات في أفريقيا؛ حيث أعلن في أكتوبر عن مسؤوليته عن هجوم أدى إلى مقتل 43 شخصًا في الكنيسة بشرق الكونغو. كما نفذ هجمات أخرى في الصومال، وهو ما يؤكد استمرارية وجوده ونشاطه في عدة مناطق حول العالم.


