تستعد قوى المعارضة الجزائرية لاستئناف مشاركتها في المشهد الانتخابي، ما يُعتبر تحوّلاً ملحوظاً عن نهج المقاطعة الذي وسم انتخابات عام 2021 على خلفية الحراك الشعبي. ومع اقتراب الاستحقاقات التشريعية والبلدية المقررة قبل نهاية عام 2026، أعلنت عدة تشكيلات سياسية عن رغبتها في الانخراط مجدداً في المنافسة الانتخابية، منهيةً فترة طويلة من الغياب والترقّب.
قرار حزب جيل جديد
في خضم التحضيرات للانتخابات المقبلة، كان آخر الأحزاب التي أكّدت مشاركتها هو حزب “جيل جديد”. حيث قررت هيئته القيادية الانخراط “مبدئياً” في هذه الاستحقاقات خلال اجتماع عُقد في 19 ديسمبر. وأوضح الحزب أن هذا القرار يعكس إيمانهم بأن “العمل السياسي السلمي والمنظم يبقى أداة أساسية للتغيير الديمقراطي وبناء دولة القانون”. كما عبّروا عن قلقهم تجاه “أزمة الثقة المستمرة” بين المواطنين ومؤسسات الدولة، بالإضافة إلى “بطء الإصلاحات الهيكلية”.
دعوة للحوار الوطني
وأشار الحزب، الذي يتولّى قيادته حديثاً الطبيب لخضر أمقران، إلى أن الجزائر شهدت جوانب إيجابية في استقرارها، مؤكدين على أهمية إطلاق “حوار وطني شامل” كوسيلة لإعادة تأسيس الدولة واستعادة شرعية المؤسسات.
مطالب المشاركة
رغم ذلك، تبقى مشاركة “جيل جديد” مشروطة ببعض المطالب، التي تشمل “فتح حقيقي للمجال السياسي، واحترام الحريات العامة، والإفراج عن معتقلي الرأي، وحياد الإدارة، ومراجعة قانون الانتخابات”.
ونوه الرئيس عبد المجيد تبون في مارس الماضي بأنه ملتزم بإطلاق “حوار وطني شامل” بحلول نهاية عام 2025 أو بداية عام 2026، ليتيح معالجة المشكلات الموروثة قبل الانطلاق في النقاشات السياسية.
عودة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية
في خطوة مُفاجئة، أعلن “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” إنهاء سياسته السابقة في مقاطعة الانتخابات، مشيراً إلى استعداده للمشاركة في المعركة الانتخابية. وقد اعتبر رئيس الحزب، عثمان معزوز، أن هذه العودة تمثل “مسؤولية تاريخية”، إذ يجب توصيل صوت التغيير إلى مراكز القرار.
الالتزام بمشاركة مشروطة
على غرار حزب “جيل جديد”، ربطت قوى المعارضة مشاركتها بمطالب تتعلق بفتح المجالين السياسي والإعلامي، وكذلك إطلاق إجراءات لتهدئة الأوضاع، تشمل الإفراج عن معتقلي الرأي.
تعهدات رئاسية وإمكانيات التغيير
تتلاقى هذه التحركات مع تعهدات الرئيس تبون بإجراء حوار وطني شامل، يُعتبر فرصة لمعالجة القضايا المتراكمة. بينما تعتزم المعارضة استخدام المجالس المنتخبة المقبلة منابر للمقاومة الديمقراطية وكشف تجاوزات النظام.
تفاعل هذه الأحزاب، بما في ذلك “جيل جديد” و”التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية”، مع “جبهة القوى الاشتراكية” و”حزب العمال”، يعكس بدوره تحولاً مهماً يسعى لإعادة الاعتبار للعمل السياسي، واستعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
هذه الديناميكية تأتي في وقتٍ سياسي معقد، حيث تتعرض المعارضة لضغوط اجتماعية واقتصادية، مما يجعل عملية تعبئة الشارع وإقناع المواطنين بجدوى المشاركة الانتخابية تحدياً حقيقياً لجميع الأطراف المعنية.


