في خطوة مفاجئة، بدأت شخصيات قيادية في ميليشيات عراقية دعوات لحصر السلاح بيد الدولة، مما أثار تساؤلات عن الدوافع الحقيقية وراء هذا التغير. هذه الدعوات تأتي بعد فترة قصيرة من تمسك تلك الشخصيات بأسلحتها، معلنة أنها تنتمي إلى “محور المقاومة” الذي يرفض الوجود الأمريكي في العراق.
تعددت التفسيرات حول هذه الظاهرة، إلا أن العديد من التحليلات تشير إلى ضغوط أمريكية متزايدة، فضلاً عن تحولات إقليمية، ومحاولة هذه الفصائل الانتقال إلى العمل السياسي بعد فوزها بمقاعد في البرلمان الجديد.
دعوات فصائلية
خلال الأيام الماضية، أطلقت شخصيات فصائلية معروفة دعوات لحصر السلاح بيد الدولة، ومن بينهم أمين عام “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، الذي يملك 27 مقعداً في البرلمان. الخميس الماضي، أكد الخزعلي التزامه بتحقيق هذا الهدف: “نحن نؤمن بحصر السلاح بيد الدولة”.
كذلك، أكد أمين عام “أنصار الله الأوفياء”، حيدر الغراوي، وشبل الزيدي، قائد “كتائب الإمام علي”، نفس الموقف. جميع هؤلاء القادة ينتمون إلى قوى “الإطار التنسيقي” الشيعية، ولديهم إدراج على لائحة العقوبات الأمريكية، مما يعزز فكرة أنهم يسعون إلى تحسين علاقتهم مع واشنطن.
احتمالات الضغط الأمريكي
في حديثه، رأى نزار حيدر، باحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أن دعوات حصر السلاح من قيادات فصائلية تعكس شعور القوى الشيعية بجدية الموقف الأمريكي في عدم التعامل مع المجموعات المسلحة. ويؤكد حيدر أن الفصائل تسعى لإثبات حسن نواياها أمام الولايات المتحدة قبل وصول المبعوث الأمريكي، مارك سافايا، إلى بغداد.
ويوضح حيدر أن هناك نوعين من الفصائل: الأولى شاركت في العملية السياسية وتهدف إلى الاندماج ضمن بنية الدولة الإدارية والأمنية، بينما الثانية لا تزال تستند إلى خطاب المقاومة.
دوافع متعددة
يؤكد إحسان الشمري، رئيس “مركز التفكير السياسي”، أن الضغوط الأمريكية تلعب دوراً مهماً في دفع الفصائل للإعلان عن تخليها عن السلاح. ويعتبر توقيت هذه الدعوات مهماً، حيث يتزامن مع الشروط الأمريكية المتعلقة بحصر السلاح بيد الدولة.
تزامن هذه الظاهرة مع مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة يطرح تساؤلات حول دوافع الفصائل. إذ يبدو أنها تحاول التكيف مع الضغوط الأمريكية لتسهيل انخراطها في الحكومة.
تحليل الشمري يسلط الضوء على أن هذه الدعوات تعتبر جزءاً من استراتيجية تكتيكية لاختبار مدى استجابة الولايات المتحدة، وقد تكون مقدمة لمفاوضات مباشرة. ويرى أن هذه الخطوة تتماشى مع طبيعة الخطاب لـ”حزب الله” اللبناني، حيث تُصوَّر الإجراءات على أنها محلية بدلاً من كونها نتيجة لضغوط خارجية.


