في إحدى زوايا منطقة “شورديتش” بلندن، يبرز مشهد تكنولوجي حديث معروض على شاشة ضخمة، حيث تتابع بيانات الملاحة البحرية وحركة السفن عبر بحر البلطيق. من خلال ضغطة زر، تتجلى مسارات الكابلات البحرية، ما يسلط الضوء على التهديدات المحتملة للأمن السيبراني في هذا المجال.
تظهر بجانب الخريطة سفينة ترفع علم ليبيريا، متوجهة نحو كابل الإنترنت BCS East-West Interlink الذي يربط ليتوانيا والسويد. توضح البيانات التعريفية أن السفينة قد تشكل تهديداً محتملاً، وهو ما يكشف الحاجة المتزايدة لمراقبة فضاء الاتصالات البحرية.
تحليل البيانات
برنامج DominAI، الذي طورته شركة “هيديان” البريطانية، يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد السيناريوهات البحرية. يمكن لمشغل النظام توجيه طائرات مُسيرة أو سفن بحرية لاعتراضها، مما يتيح تقييم الخيارات المتاحة ونسب نجاح كل منها.
تستند هذه السيناريوهات إلى أحداث واقعية، كما أوردت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، حيث تعرض كابل East-West لعملية تخريب على يد فاعلين مجهولين في نوفمبر 2024، مما أثار مخاوف من أعمال تخريبية في البحر.
استثمار بريطاني كبير
خصصت الحكومة البريطانية مليار جنيه إسترليني لإنشاء “شبكة الاستهداف الرقمية”، التي تهدف إلى دمج البيانات المدنية والعسكرية ضمن شبكة قيادة موحدة. هذا المشروع سيمكن القادة من اتخاذ قرارات سريعة ودقيقة بشأن الرد على التهديدات.
علق الجنرال السير ريتشارد بارنز على هذا التطور، موضحاً أن الذكاء الاصطناعي سيكون أساسياً في تطوير البنية العسكرية المستقبلية، مما يعزز فاعلية القوات المسلحة.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي
خلال السنوات الماضية، بدأت الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، في استخدام أنظمة قيادة مدعومة بالذكاء الاصطناعي. وتم استخدام برنامج “مايفن” في العمليات القتالية، مما شكل نمطاً جديداً في تطبيق هذه التكنولوجيا في الحروب.
تهدف التقنيات الجديدة إلى تحسين القدرة على معالجة البيانات وتحليلها، ما يسهل عمليات اتخاذ القرارات في الظروف الحرجة.
التحول الرقمي في الحرب
يشهد الصراع في أوكرانيا تحولات لافتة، حيث ساهم استخدام الطائرات المُسيرة في تعزيز الفاعلية القتالية للجيش الأوكراني ضد القوات الروسية. هذا التحول يبرز أهمية الروبوتات والطائرات المستقلة في المعارك المستقبلية.
كما تسعى الدول لتبني استخدام الطائرات والمركبات الروبوتية المستقلة لتعويض النقص العددي في القوات، وهو ما يعتبر ثمرة للتطور التكنولوجي السريع.
الأخلاقيات والقوانين
مع تزايد الاعتماد على الأنظمة الذاتية، تتصاعد المخاوف من العلاقات الأخلاقية والقانونية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. أثارت جيسيكا دورسي من جامعة أوتريخت تساؤلات بشأن كيفية ضمان الامتثال للقانون الدولي الإنساني في سياق استخدام هذه التكنولوجيا.
تشير التقارير إلى أن تفويض الآلات باتخاذ قرارات حاسمة قد يؤدي إلى انحيازات محتملة، مما يستدعي ضرورة الحفاظ على حكم بشري مناسب لضمان العدالة في ساحة المعركة.


