كشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن احتمال انهيار إحدى أكبر صفقات الغاز الطبيعي بين مصر وإسرائيل، وذلك بسبب توترات سياسية داخلية تتعلق برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
تهديد الصفقة الاستراتيجية
حذرت الصحيفة من أن الاتفاق الذي كان يُعتبر مشروعاً اقتصادياً استراتيجياً قد تحول إلى أداة ضغط في الصراعات السياسية داخل إسرائيل. وقد وُقّع الاتفاق الأصلي عام 2019 وتم تعديله في يوليو 2025، وينص على توريد 130 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي لمصر بقيمة تقدر بنحو 35 مليار دولار حتى عام 2040، مع معدل يومي يصل إلى 1.8 مليار قدم مكعبة. ومع ذلك، تواجه الصفقة حالياً عقبات سياسية وتقنية قبيل الموعد الحاسم لتنفيذ مرحلتها الموسعة في 30 نوفمبر 2025.
وأكدت مصادر في وزارة البترول المصرية أن الكميات الموردة حالياً تتراوح بين 850 مليون ومليار قدم مكعبة يومياً، إلا أن إسرائيل لم تلتزم بالزيادة المتفق عليها في التعديل الأخير. وفي هذا السياق، بررت الحكومة الإسرائيلية ترددها بوجود عقبات تقنية، رغم أن هذه العقبات قد تم حلها بالفعل.
استعدادات مصرية للطوارئ
تعاني الصفقة من الجمود بسبب الصراعات السياسية، حيث تسعى حكومة نتنياهو لتجميد الصفقة الإضافية، في ظل خلافات تتعلق بالصراع في قطاع غزة والوجود العسكري المصري في سيناء، بالإضافة إلى رغبتها في إعادة التفاوض حول أسعار الغاز.
في ظل هذه الظروف، بدأت مصر الاستعداد لاحتمال تراجع كبير أو توقف جزئي في تدفقات الغاز من إسرائيل حتى صيف 2026. وأطلقت هيئة البترول المصرية مناقصة عاجلة لاستيراد ثلاث شحنات من الغاز الطبيعي المسال (LNG) لهذا الغرض.
اتفاقيات جديدة
علاوة على ذلك، وقّعت مصر اتفاقيات مع شركات من السعودية وفرنسا وهولندا وأذربيجان لتوفير 20 شحنة غاز مسال قبل نهاية 2025، بالإضافة إلى 125 شحنة أخرى خلال العام المقبل. كما ذكرت مصادر اقتصادية أن اجتماعات سرية عُقدت في الأكاديمية العسكرية “ناصر” لتعزيز الخطط البديلة، بما في ذلك تخصيص 3 مليارات دولار لتأمين إمدادات الغاز البديلة.
نظرة قانونية للصفقة
على صعيد آخر، أشار الخبير النفطي حسام عرفات إلى أن الحكومة الإسرائيلية يمكنها إلغاء الصفقة دون أي عقوبات مالية، نظراً لأن الاتفاق المعدل يستند إلى مذكرة تفاهم غير ملزمة قانونياً. وأضاف أن نتنياهو حول الصفقة من مشروع اقتصادي إلى أداة ضغط سياسي لتعزيز موقفه الداخلي.
ضغوط دولية على إسرائيل
رغم المخاوف بشأن الصفقة، أكدت “معاريف” أن الصفقة قد تبقى قائمة، حيث تمارس شركة شيفرون الأمريكية، التي تمتلك حصة أكبر في حقل “لواءتان”، ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية لإنقاذ الاتفاق. وأكدت شيفرون ضرورة الحصول على الموافقة الرسمية لتوسيع خط الأنابيب إلى مصر بحلول 30 نوفمبر، نظراً لأن مصر تعتبر الوجهة المجدية لتصدير الغاز.
كما ذكرت أن الإدارة الأمريكية، من خلال وزير الطاقة، تدعم الصفقة بقوة، مما قد ينعكس على موقف إسرائيل في النهاية.
انتقادات للخيارات البديلة
وفي سياق متصل، سخرت الصحيفة من التهديدات الإسرائيلية بتصدير الغاز إلى قبرص أو اليونان كبديل، حيث اعتبر مصدر رفيع في شركة الغاز المصرية هذه التصريحات “دعاية إعلامية”. وأوضح أن تنفيذ مشروع كهذا سيتطلب استثمارات ضخمة وعائدات اقتصادية منخفضة، مما يجعله غير عملي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة المصرية تتجاهل هذه التهديدات عمداً لتفادي إعطاء نتنياهو أي انتصار سياسي، مؤكدة في الوقت نفسه أن الضغوط الاقتصادية من الشركاء الدوليين، وبالأخص الولايات المتحدة، ستؤدي إلى منع إسرائيل من قطع الغاز. وأكدت “معاريف” أن “اللعبة السياسية لن تُهزم المنطق الاقتصادي”.


