في اجتماع حاسم بالعاصمة المؤقتة عدن، وضع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي حكومته أمام مسؤوليات جسيمة، مؤكدًا أن المرحلة الراهنة تتطلب قرارات جريئة لإنقاذ الاقتصاد وتحقيق الاستقرار المنشود. وحذر من مغبة الانشغال بقضايا ثانوية في ظل التحديات المتفاقمة التي تواجه البلاد على الصعد الإنسانية والاقتصادية والأمنية.
توحيد الإيرادات
وشدد العليمي على ضرورة توحيد الإيرادات العامة، وإصلاح المنظومة المالية، وتعزيز الأمن، وتمكين مؤسسات الدولة. وأكد أن الانسجام والتكامل بين الحكومة ومجلس القيادة يشكلان شرطًا أساسيًا لبقاء الدولة واستمرارها.
أكد العليمي أن الإصلاحات الاقتصادية تمثل الاختبار الحقيقي للدولة في الوقت الحالي، وأن المرحلة الراهنة تستدعي التركيز على توفير الرواتب والخدمات الأساسية، إضافة إلى تثبيت الأمن وحشد الجهود لاستعادة الدولة ومؤسساتها.
إصلاحات مالية
أكد العليمي على التنفيذ الكامل لقرار مجلس القيادة رقم 11، الذي يقضي بتوحيد الإيرادات العامة وتوريدها إلى البنك المركزي، ومنع أي تحصيل خارج القنوات القانونية، معتبراً أن نجاح الحكومة يبدأ من إعادة ضبط المالية العامة، وتحريك الموارد المتاحة.
وجه العليمي بإجراء حصر شامل لأصول الدولة من أراضٍ وعقارات وأملاك مؤجرة، ودراسة إنشاء صندوق سيادي لإدارة هذه الأصول وفقًا لمعايير الحوكمة الدولية، بهدف تحويل الثروة العامة المهدورة إلى موارد مستدامة تخدم التنمية.
وفي سياق الإصلاحات المالية، دعا العليمي إلى تعزيز استقلالية البنك المركزي، وتفعيل أدوات الرقابة على القطاع المصرفي، وتشديد الرقابة على شركات الصرافة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، مؤكداً أن نجاح السياسة النقدية يتطلب تعاونًا كاملاً بين جميع مؤسسات الدولة.
تحديات العمل الإنساني
توقف العليمي أمام التحديات المتصاعدة في العمل الإنساني، مشيراً إلى أن أكثر من 17 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات، وشدد على ضرورة تأمين العمل الإغاثي وتسهيل حركة العاملين الدوليين، ومنح التصاريح اللازمة دون تأخير، في ظل وجود تقارير مقلقة عن عوائق تواجه المنظمات الدولية.
دعا إلى الإسراع في إنشاء هيئة وطنية للإغاثة، باعتبارها خطوة تنهي ازدواج المهام وتضمن الرقابة على تنفيذ الأنشطة الإنسانية، بما يمنع التدخلات غير القانونية ويحسن كفاءة وصول المساعدات إلى مستحقيها.
الأمن والقضاء
في الجانب الأمني، ثمّن العليمي الإنجازات المحققة في ضبط الخلايا الإرهابية وشحنات الأسلحة والمخدرات المهربة، وأكد أن أي عملية إصلاح اقتصادي ومالي وإداري تتطلب منظومة أمنية وقضائية فاعلة، مشدداً على أنه لا يمكن تحقيق أي تنمية في ظل غياب الأمن والقضاء المستقل.
جدّد التشديد على تعزيز جاهزية القوات المسلحة، والإعلان الفوري عن إنشاء هيئة لرعاية الجرحى، وفاءً لتضحياتهم في سبيل الوطن.
تمكين المرأة
انتقد العليمي غياب المرأة عن التشكيل الحكومي الحالي، مؤكداً أن ذلك غير عادل، مشدداً على ضرورة تصحيح هذا الخلل المؤسسي والقانوني، فالمرأة اليمنية أثبتت أنها شريك فاعل في الصمود والبناء.
تطرق إلى السياسة الخارجية، داعياً البعثات الدبلوماسية إلى تعزيز دورها في مناصرة الشعب اليمني، وإبراز سرديات النصر والأمل، وتفعيل الدبلوماسية بما يخدم المصلحة الوطنية، خصوصاً بعد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.
دعم التحالف
حثّ العليمي الحكومة على توثيق الجرائم والانتهاكات الحوثية، والمطالبة بالإفراج عن المحتجزين، ووقف الأحكام الصورية في مناطق سيطرتها، معتبراً ذلك واجباً وطنياً وأخلاقياً.
أشار إلى أن دعم تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات يمثل استثماراً في استقرار اليمن ومستقبل المنطقة، ووجه الحكومة بإدارة هذا الدعم بكفاءة عالية ليكون رافعة لتحسين حياة المواطنين وبناء مؤسسات دولة قوية.
خطة الإصلاحات
من جانبه، أكد رئيس الوزراء اليمني سالم بن بريك أن العلاقة بين الحكومة ومجلس القيادة تكامل لا تنازع، مشيراً إلى أن نجاح المرحلة يتطلب احترام الصلاحيات التنفيذية وعدم التدخل في مهام الحكومة، مؤكداً أن أي ازدواج في القرار ينعكس مباشرة على حياة الناس وقوة الدولة.
أشار بن بريك إلى أن خطة الإصلاحات الشاملة التي أقرها مجلس القيادة تمثل مشروعاً وطنياً غير مسبوق، محذراً من تنفيذها بشكل انتقائي أو خضوعها للمجاملات أو الحسابات الضيقة، ومشدداً على أنها منظومة مترابطة لا يمكن تطبيق بعضها وترك بعضها الآخر.
وفي ما يتعلق بعلاقة الحكومة مع السلطات المحلية، أكد أن الإيرادات العامة ليست ملكاً لأحد، ولا يمكن لأي محافظة العمل وفق مسار مستقل عن الدولة أو خارج القانون، مشدداً على أن نجاح الإصلاحات يتطلب إرادة جماعية ودعماً سياسياً موحداً.


