أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي اعتبر فيها السعودية “حليفًا غير عضو في الناتو”، جدلًا واسعًا في تل أبيب حول مستقبل التحالفات الإقليمية.
تحليل استراتيجي
في تصريحات خاصة لإذاعة 103FM الإسرائيلية، قدّم البروفيسور إيال زيسر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط ونائب رئيس جامعة تل أبيب، تحليلاً عن تداعيات هذا التصريح على الأمن القومي الإسرائيلي والعلاقات الأمريكية-العربية.
وأكد زيسر أن “من الضروري القلق استراتيجياً من عدم اعتماد ترامب علينا”. وأضاف: “عندما يسعى ترامب لفهم من هو أشرف الغزاوي، لم يعد يلجأ إلينا، بل أصبح لديه حلفاء أقرب، مثل أردوغان وأمير قطر”.
السعودية والعلاقات الإسرائيلية
وأشار زيسر إلى أن السعودية ليست بالضرورة عدوًا لإسرائيل، لكن المشكلة تكمن في “الميل المنحدر”، موضحاً: “بمجرد أن تبدأ بالسعودية، تنتقل إلى مصر، ثم الأردن، وربما العراق، وهذا يهدد المبدأ الأمريكي التاريخي الذي يضمن لإسرائيل تفوقاً عسكرياً نوعياً، وهو مبدأ بدأ يتآكل”.
كما بيّن أن دولاً مثل مصر وتركيا تسعى للاستفادة من هذه الفرصة، متسائلاً: “إذا كانت السعودية ستحصل على امتيازات، فلماذا لا نحصل عليها؟”، مشيرًا إلى أن “لترامب تاريخ انتهاء صلاحية”، وأن “السعوديين يدركون أن الإدارة الأمريكية القادمة قد تكون ديمقراطية، مما قد يتسبب في قضايا محرجة بشأن سجلهم الحقوقي”.
زيارة ترامب لإسرائيل
وفي رده على سؤال حول زيارة ترامب المرتقبة إلى إسرائيل، أشار زيسر إلى أنها “متّسمة بالتملق”، مفسّرًا: “هل يبدو أفضل أن يزور ترامب الكنيست؟ هذا التملق يعود بالنفع على الجميع: ترامب يتلقى استثمارات ضخمة، وهو مفيد للاقتصاد ولناخبيه”.
وأوضح أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يسعى لتحسين صورة موقفه الأمريكي، خاصة بعد المعاملة القاسية من إدارتَي أوباما وبايدن. ويريد ابن سلمان أن يشعر بأنه ليس “طفلاً مهجورًا” مقارنة بأردوغان وأمير قطر.
تكنولوجيا الطاقة النووية
حول احتمالية بيع واشنطن تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم للسعودية، قال زيسر: “لقد حصلوا على تصريحات وضمانات هامة”. لكنه تساءل: “ما الذي سيبقى من ذلك بعد انتهاء ولاية ترامب؟” وأضاف: “لست متفاجئاً إذا قررت أمريكا منحهم القدرة على تخصيب اليورانيوم”.
كما أعرب عن قلقه بشأن عدم ضمان حماية سعودية ملموسة، قائلاً: “إذا أطلق الحوثيون صاروخًا، فهل ستأتي أمريكا لإنقاذ السعودية؟ الجواب لا، ولهذا قدّموا لهم طائرات F-35 ليحموا أنفسهم”.
التطبيع السعودي الإسرائيلي
وفيما يخص التطبيع مع إسرائيل، أوضح زيسر الفرق بين موقفي الإمارات والسعودية، حيث اعتبرت الإمارات أن السلام مع إسرائيل يخدم مصالحها، بينما لا يُعد التطبيع أولوية لدى السعودية. ولخص زيسر ثلاثة أسباب تؤخر خطط التطبيع:
- الربط بالموقف الأمريكي: “الأمريكيون لا يفرضون شروطاً واضحة على الرياض”.
- غلق ملف غزة أولاً: “السعوديون يأملون أن يتحسن الوضع هناك”.
- عدم وجود شريك فلسطيني موثوق: “لا يعتقدون أن هناك طرفاً فلسطينياً قادرًا على إدارة دولة”.
دروس استراتيجية
وفي ختام المقابلة، أكدت الإذاعة العبرية أن تحليل البروفيسور زيسر يعد بمثابة جرس إنذار لصانعي القرار في إسرائيل. حيث تتغير المعادلات في عالم ترامب، إذ تحتل المصالح المرتبة الأولى، مما قد يجعل “الصديق” حليفاً عابراً، في ظل تغير أولويات التحالفات الإقليمية.