نزوح قسري يطال آلاف الفلسطينيين من مخيمات الضفة الغربية المحتلة، بعد عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق، حيث يواجه المتضررون ظروفاً معيشية صعبة، وتساؤلات حول إمكانية العودة إلى ديارهم.
عملية “السور الحديدي”
في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، شنّت القوات الإسرائيلية عملية عسكرية تحت مسمى “السور الحديدي” استهدفت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية، بهدف المعلن “استئصال الجماعات المسلحة”.
العملية طالت مخيمات طولكرم ونور شمس وجنين، ما أسفر عن نزوح واسع للسكان، وهدم للمنازل، وتدهور الأوضاع الإنسانية في المنطقة.
“حياة أفضل” قبل النزوح
حكم إرحيّل، أب لأربعة أطفال، نزح من مخيم طولكرم وهُدم منزله خلال العملية، يعيش حالياً مع عائلته في مدرسة قريبة، معبراً عن خشيته من أن يتحول هذا الملجأ المؤقت إلى وضع دائم.
“قبل العملية، كان لكل طفل غرفة في منزلنا، صحيح أننا كنا في مخيم (لكن) حياتنا كانت أفضل”، يقول إرحيّل، واصفاً الوضع السابق بالمخيم.
تدهور الأوضاع الإنسانية
منظمة “هيومن رايتس ووتش” أكدت في تقرير نشرته مؤخراً أن حوالي 32 ألف فلسطيني ما زالوا نازحين قسرياً نتيجة للعمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
النازحون يواجهون ظروفاً معيشية صعبة، ونقصاً في الخدمات الأساسية، وتحديات في توفير الخصوصية والأمان لأسرهم.
مخيمات اللاجئين: تحول تاريخي
بعد حرب عام 1948 ونزوح آلاف الفلسطينيين، أُنشئت مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ودول عربية مجاورة، لتتحول من خيام إلى مساكن دائمة مع مرور الوقت.
ومع ازدياد عدد السكان، شهدت المخيمات توسعاً عمرانياً، حيث بُنيت المنازل من الطوب، وأُضيفت المزيد من الطوابق.
تدمير واسع النطاق
تقرير “هيومن رايتس ووتش” كشف أن الجيش الإسرائيلي دمّر خلال الأشهر العشرة الماضية أكثر من 850 منزلاً ومبنى في ثلاثة مخيمات شمال الضفة الغربية، وشق طرقاً واسعة لتسهيل مرور آلياته العسكرية.
المنظمة الحقوقية اعتبرت أن تهجير إسرائيل القسري لسكان المخيمات يرقى إلى “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، ويشكل “تطهيراً عرقياً”.
رد الجيش الإسرائيلي
الجيش الإسرائيلي رد على استفسارات وكالة الصحافة الفرنسية، مؤكداً أن مخيمي طولكرم وجنين أصبحا “معقلين للإرهاب، حيث ينشط مسلحون داخل الأحياء المدنية”.
كما أشار الجيش إلى أن العملية أدت إلى “انخفاض كبير في النشاط الإرهابي في المنطقة”، دون تحديد موعد لانتهاء العملية العسكرية.
الحياة في الملاجئ
عائلة إرحيّل هي واحدة من 19 عائلة تتخذ من المدرسة ملجأ لها، حيث يعيشون في ظروف قاسية، ويفتقرون إلى الخصوصية.
“لا توجد هنا خصوصية أبداً، أسكن في غرفة هي عبارة عن صف مدرسي، أنا والخمسة الذين معي”، يوضح إرحيّل، مشيراً إلى أنهم وضعوا أغطية كستائر لتوفير بعض الخصوصية لابنته.
“حق العودة” مطلب أساسي
على أطراف مدينة طولكرم، نظم نازحون مظاهرة للمطالبة بحقهم في العودة إلى منازلهم، مؤكدين على تمسكهم بأرضهم وممتلكاتهم.
المتظاهرون وصلوا إلى بوابة جديدة وُضعت على الطريق المؤدي إلى المخيم، قبل أن يتوقفوا عند المدخل، حيث الشارع مليء بأنقاض المنازل المدمرة.
إطلاق نار وحالة ذعر
خلال تجمع المتظاهرين، دوى إطلاق نار من داخل المخيم، وأصيب مصور صحافي برصاصة في ساقه، ما تسبب بحالة من الذعر بين الموجودين.
الجيش الإسرائيلي زعم أن المتظاهرين “دخلوا منطقة عسكرية مغلقة”، واعترف بإطلاق نار على من وصفه بأنه “محرض رئيسي” بعدما “رفض الامتثال للأوامر”.
النكبة: ذكرى حاضرة
الذاكرة الجماعية الفلسطينية لا تزال تحمل صور النكبة، ويخشى سكان المخيمات من تكرار التاريخ، خصوصاً أنهم ظنوا في عام 1948 أن نزوحهم سيكون مؤقتاً.
السكان يتداولون فيما بينهم مواعيد محتملة للعودة، من دون تأكيد رسمي، مطالبين بالعودة إلى المخيم حتى لو كانت منازلهم مدمرة.


