الخميس 20 نوفمبر 2025
spot_img

صعود الصين و”الجنوب العالمي” بعد انسحاب أمريكا من اليونيسكو

spot_img

مع اقتراب الموعد النهائي لانسحاب الولايات المتحدة من منظمة اليونسكو، تشهد المنظمة تحولات هيكلية، حيث تبرز الصين كقوة دافعة، بينما تعزز دول “الجنوب العالمي” نفوذها داخل المنظمة الأممية.

الفراغ الأمريكي في اليونسكو

في غضون ذلك، ظل المقعد الأمريكي شاغرًا خلال المؤتمر العام لليونسكو الذي استضافته سمرقند في أوزبكستان على مدار أسبوعين. ورغم أن الانسحاب الأمريكي لن يصبح رسميًا حتى نهاية عام 2026، إلا أن واشنطن قد أوقفت بالفعل مساهماتها في المنظمة، متهمة إياها بالتحيز ضد إسرائيل والترويج لأجندة “مثيرة للانقسام”.

لم يكن قرار الانسحاب مفاجئًا، إذ سبق للرئيس ترامب أن اتخذ خطوة مماثلة عام 2018، قبل أن يعيدها الرئيس بايدن عام 2023.

أزمة التمويل

على الرغم من جهود المديرة العامة المنتهية ولايتها، أودري أزولاي، لتقليل الاعتماد على التمويل الأمريكي، الذي انخفض من 20% إلى 7% من ميزانية اليونسكو، إلا أن الانسحاب يحرم المنظمة من 75 مليون دولار.

ويسعى المدير العام الجديد، المصري خالد العناني، الذي انتخب في سمرقند بأغلبية ساحقة، إلى جعل ميزانية المنظمة على رأس أولوياته، متعهدًا بإقناع الدول بزيادة مساهماتها وجذب استثمارات من القطاع الخاص.

صعود الصين المالي

في هذا السياق، برزت الصين كأكبر ممول لليونسكو بمساهمة قدرها 69 مليون دولار. وبحسب المؤرخة كلويه موريل، تمول الصين الآن أجزاء كاملة من برنامج اليونسكو، مؤكدة أن المنظمة أداة مهمة للدول لممارسة “قوتها الناعمة”.

وعلى غرار ما حدث عند الانسحاب الأمريكي الأول، سارعت بكين إلى تعزيز وجودها داخل المنظمة التي تتخذ من باريس مقرًا لها.

النفوذ الصيني المتزايد

أفاد أحد أعضاء الوفد الأوروبي بأن الصين عملت بعد عام 2018 على ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة لتغيير المعايير الدولية بما يخدم مصالحها، مشيرًا إلى وجود خبراء وموظفين صينيين في جميع أقسام اليونسكو.

وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن قد أكد في عام 2023 على أهمية عودة الولايات المتحدة إلى اليونسكو لموازنة نفوذ بكين، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعليم.

تحديات مستقبلية

في ظل غياب واشنطن، تصاعدت مناقشات حول معايير أخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى ضوابط على استخدام التكنولوجيا العصبية في المجال الطبي، كما يفسح غياب الولايات المتحدة المجال لروسيا وحلفائها.

إلا أن موسكو تواجه صعوبات في الحصول على الدعم منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وهو ما تجلى في فشلها في الفوز بمقعد في المجلس التنفيذي للمنظمة في سمرقند.

تطلعات الجنوب العالمي

أكد دبلوماسي أفريقي أن غياب الولايات المتحدة يوقظ طموحات دول أخرى، ليس فقط الصين وروسيا، بل أيضًا دول “الجنوب العالمي” في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، مشيرًا إلى أن الانتخابات الأخيرة كشفت عن تحولات في موازين القوى.

بالإضافة إلى فوز دولة عربية بمنصب المدير العام، شهدت سمرقند تجديد منصب رئيس المؤتمر العام بانتخاب خوندكر طلحة من بنغلاديش، في حين يُتوقع فوز القطري ناصر حمد الحنزاب بمنصب رئيس المجلس التنفيذي.

مساهمات متزايدة

ويرى مراقبون أن انسحاب الولايات المتحدة قد يدفع بعض الدول الكبرى في “الجنوب العالمي”، مثل دول الخليج والهند والبرازيل، إلى زيادة مساهماتها المالية وتعزيز نفوذها داخل المنظمة.

ومع مغادرة اليونسكو، تخاطر واشنطن بتهميش دورها في اختيار المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي.

مخاوف من التهميش

وفي الختام، أعرب مصدر مقرب من الوفود عن قلقه إزاء ما وصفه بـ “سلوك القرصان” الذي تتبعه واشنطن، والذي يرفض الانخراط في النهج التعددي، لكنه يسعى في الوقت نفسه إلى تحقيق مكاسبه الخاصة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك