دشّنت الصين حاملة طائراتها الثالثة “فوجيان”، مما يمثل مرحلة جديدة في سباق التسلح البحري مع الولايات المتحدة. تُعتبر “فوجيان” تجسيدًا للتقدم العسكري الصيني، حيث تزايدت قدراتها مع إضافة تقنيات متطورة مثل المنجنيق الكهرومغناطيسي الذي يضمن سرعات إقلاع أكبر.
ثورة في القدرات البحرية
تمثل حاملة الطائرات “فوجيان” التطور الأحدث في قوة الصين البحرية، بعد نجاحها في تدشين حاملتي طائرات سابقتين هما CNS Liaoning في 2012 وCNS Shandong في 2019. هذه الخطوة تعكس التحول من تقنيات سوفييتية قديمة إلى صناعات عسكرية تنافس القوى البحرية الكبرى.
تعتمد “فوجيان” على تقنية المنجنيق الكهرومغناطيسي، والتي تجعلها ثاني دولة في العالم تستخدم هذه التقنية, بعد الولايات المتحدة بحاملة الطائرات USS Gerald R. Ford. هذا التطور يزيد من قلق واشنطن حول موازين القوى في المحيطات.
التقنيات الجديدة في الحرب البحرية
لطالما كانت للقوات البحرية دور محوري خلال الحروب، حيث غيّر إدخال طائرات الإقلاع من سطح حاملات الطائرات مسار المعارك. في الحرب العالمية الثانية، استخدمت البحرية الأمريكية أنظمة إطلاق لتسريع الاقلاع، مما ساهم في الصمود أمام التحديات البحرية الكبرى.
مع التطور المستمر للطائرات الحربية، أصبحت سرعة الإقلاع وكفاءة المنجنيق ضرورية. تطور المنجنيق البخاري في الخمسينات وضع أساساً لتقنيات أكثر تطوراً، بما في ذلك المنجنيق الكهرومغناطيسي الذي تم تطويره في الولايات المتحدة ليعزز من سرعة وكفاءة الإقلاع.
سلسلة من الابتكارات
تم تصميم المنجنيق الكهرومغناطيسي لتفادي المخاطر المرتبطة بالطائرات الثقيلة، مما يسمح بإطلاقها بشكل أكثر أمانًا وسلاسة. بفضل هذه التقنية، تكتسب حاملات الطائرات القدرة على إطلاق طائرات من أي حجم، بما في ذلك الطائرات الخفيفة والطائرات دون طيار.
إضافة إلى ذلك، يتطلب النظام الجديد صيانة أقل، مما يعزز الأداء الشامل لحاملة الطائرات ويمكّن من تنفيذ مهام متعددة بكفاءة أعلى.
تحولات استراتيجية
حاملة الطائرات “فوجيان” ليست مجرد تطوير تقني فحسب، بل تمثل أيضًا تحولًا استراتيجيًا للصين على الساحة العسكرية. فهي مصممة لإجراء عمليات بعيدة المدى، مما يُعزز من قدراتها في المراقبة وحماية الخطوط البحرية والطاقة في المحيطين الهندي والهادي.
تستطيع حاملة “فوجيان” أيضًا تشغيل طائرات ذات تقنيات متقدمة، بما في ذلك الطائرات الشبحية. هذا يوسع من نطاق عمليات المراقبة والسيطرة الجوية، مما يمنح بكين ميزة استراتيجية في المنطقة.
التحديات المفروضة على الهيمنة البحرية الأمريكية
على الرغم من التقدم الذي حققته الصين، لا تزال البحرية الأمريكية تُعتبر الأكثر تطوراً وتنويعًا وفعالية في العالم. تشكل حاملة “فورد” مثالاً على هذه الهيمنة، حيث تعتمد على الدفع النووي وتقنيات متطورة تجعلها تتفوق على نظيراتها الصينية.
ومع ذلك، تواصل الصين تطوير قدراتها الصناعية والعسكرية، ما يشكل ضغطًا على الولايات المتحدة التي يواجه توازن القوى الجديد تحديات عديدة. تُظهر هذه الديناميكية أهمية السرعة في استيعاب التكنولوجيا، والتي قد تغير قواعد اللعبة البحرية في المستقبل.


