في تحول لافت، تتجه الأنظار إلى انتخابات بلدية نيويورك، حيث يبرز اسم زهران ممداني، الشاب الطموح الذي يرى نفسه “كابوسًا لدونالد ترمب”، في اختبار مبكر لإرث الرئيس الأميركي وتأثيره المستمر على الساحة السياسية. الانتخابات تتحول إلى استفتاء مصغر على سياسات ترمب.
يمثل هذا الحدث السياسي، الذي وصفته “سكاي نيوز” بـ”الاستفتاء على ولاية ترمب الثانية”، لحظة حاسمة للتعبير عن الرأي العام تجاه الأحداث التي شهدتها أميركا في الآونة الأخيرة.
مسيرة صعود ممداني
ولد ممداني في أوغندا لأبوين من أصول هندية، وهاجر إلى الولايات المتحدة في سن السابعة. اليوم، يسعى ممداني ليصبح أول عمدة مسلم لمدينة نيويورك، مدفوعًا بطموحات كبيرة ورؤية إصلاحية.
ينتمي ممداني إلى تيار اليسار الديمقراطي، ويعتبره أنصاره نموذجًا يحتذى به في مواجهة سياسات دونالد ترمب. بينما يترقب الجناح التقليدي في الحزب الديمقراطي بحذر نتائج توجهاته.
برنامج انتخابي طموح
تركز حملة ممداني على معالجة قضايا مثل تكاليف المعيشة المتزايدة وجودة الحياة في نيويورك. تتضمن وعوده توفير رعاية مجانية للأطفال، وتجميد الإيجارات، وتوفير مواصلات عامة مجانية، وإنشاء متاجر بقالة تديرها البلدية.
يسعى ممداني، من خلال برنامجه الطموح، إلى تقديم حلول جذرية للتحديات التي تواجه سكان نيويورك، مع التركيز على العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
تحديات خطة التمويل
على الرغم من جاذبية برنامجه الانتخابي لسكان نيويورك المتضررين من ارتفاع تكاليف المعيشة، تثير خطة ممداني لتمويل هذه المشاريع تساؤلات عديدة. يقترح ممداني جمع 9 مليارات دولار من خلال زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات، وهو ما قد يواجه مقاومة شديدة من مجلس الولاية وحاكمها.
يعتبر ممداني جزءًا من التيار “التقدمي” في الحزب الديمقراطي، مما يجعله في قلب النقاش الدائر حول استراتيجية الحزب لاستعادة قوته السياسية على المدى الطويل.
خلافات داخل الحزب الديمقراطي
لا تحظى سياسات ممداني بدعم كامل من المؤسسة الحزبية. تشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، رفض تأييده علنًا، خاصة بعد اعتقال ممداني أمام منزل شومر في بروكلين عام 2023 خلال احتجاجات تطالب بوقف إطلاق النار بعد هجوم “حماس” في 7 أكتوبر.
واجه ممداني انتقادات بسبب مواقفه المنتقدة لإسرائيل، ودعوته السابقة إلى تقليص تمويل الشرطة، وتقنين الدعارة، وإغلاق سجون المدينة، مما أثار جدلاً واسعًا حول توجهاته السياسية.
اتهامات متبادلة وهجوم شخصي
تعرض ممداني لهجوم بسبب ديانته الإسلامية وخلفيته المهاجرة، خاصة بعد رفضه في البداية إدانة عبارة “عولمة الانتفاضة” التي يستخدمها ناشطون مؤيدون لفلسطين. لاحقًا، أوضح أنه “لا يشجع” استخدام هذا المصطلح، وأنه سيعمل على محاربة معاداة السامية بالأفعال لا بالأقوال.
في تطور مفاجئ، أعلن دونالد ترمب دعمه لحاكم نيويورك السابق أندرو كومو في انتخابات رئاسة بلدية المدينة، وهدد بتقليص التمويل الاتحادي إذا فاز المرشح الديمقراطي زهران ممداني.
تدخل ترمب يثير الجدل
أفادت “رويترز” أن ترمب، الذي دائمًا ما يعلق على سباق عمدة نيويورك، تجاوز الخطوط الحزبية بدعمه لكومو – الذي يخوض الانتخابات كمستقل بعد خسارته أمام ممداني في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي – على حساب المرشح الجمهوري كورتيس سليوا المتراجع في استطلاعات الرأي.
تحظى الانتخابات بمتابعة دقيقة على مستوى الولايات المتحدة، كونها اختبارًا لهوية الحزب الديمقراطي في مواجهة صعود ترمب وتأثيره المتزايد داخل القاعدة الجمهورية.
الانتخابات واختبار الهوية
عشية الانتخابات، كتب ترمب على منصة “تروث سوشيال”: “سواء أحببت أندرو كومو أم لا، ليس أمامك خيار. عليك أن تصوت له، وتأمل في أن يؤدي عملاً رائعًا؛ فهو قادر على ذلك، أما ممداني فلا”.
رد ممداني خلال تجمع انتخابي قائلاً: “احتضان حركة ماغا لأندرو كومو يعكس إدراك ترمب أن كومو سيكون العمدة الأفضل له، لا لنيويورك ولا لأهلها، بل لدونالد ترمب وإدارته”.
مستقبل الحزب الديمقراطي
يقول الجمهوريون إن فوز ممداني سيمثل انزلاق الحزب الديمقراطي نحو التطرف اليساري، بينما حذر ترمب من أنه قد يوقف التمويل الفيدرالي عن المدينة في حال فوزه، مما يزيد من حدة المنافسة.