الخميس 16 أكتوبر 2025
spot_img

صنعاء: تشييع فنان رسالة احتجاج ضد الحوثيين

spot_img

شيع آلاف اليمنيين في صنعاء جثمان الفنان الشعبي علي عنبة، في مظاهرة تعكس رفضًا واسعًا لنهج جماعة الحوثي تجاه الفن والفنانين. يأتي هذا التشييع الحاشد بعد أن اضطر الفنان الراحل لمغادرة صنعاء بسبب التضييقات التي فرضتها الجماعة على الأنشطة الفنية.

رسالة احتجاج فنية

يمثل هذا التشييع رسالة احتجاج فنية صريحة ضد العداء الحوثي للفن والفنانين، في ظل القيود المفروضة على الغناء وبث الأغاني. وقد سبق أن عبّر سكان صنعاء عن رفضهم لحكم الجماعة في مناسبات مماثلة، إلا أن هذه المرة اتخذت بعدًا فنيًا وثقافيًا بارزًا.

الفنان علي عنبة، الذي رحل في القاهرة، كان قد فرّ من صنعاء بسبب التضييق الذي مارسه الحوثيون على المشتغلين بالفنون. حظي عنبة بشعبية واسعة بين مختلف الفئات، وتجلى ذلك في موجة الرثاء التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بعد وفاته.

غياب رسمي وتعبير شعبي

في ظل غياب أي تمثيل لوزارة الثقافة التابعة لحكومة الحوثيين، اعتبر الحضور الشعبي الواسع في التشييع رسالة رفض علنية لسياسات الجماعة. تضمنت هذه السياسات منع الغناء، وتقييد أنشطة الفنانين، ومداهمة حفلات الزفاف، مما أثر على دخلهم في ظل ظروف الحرب.

مراسم التشييع في صنعاء

استقبلت الحشود جثمان الفنان الراحل فور وصوله إلى صنعاء، وتجمعت في مسجد عمر بن الخطاب قبل أن يحمل النعش على الأكتاف في مسيرة طويلة. عكس المشهد حجم الحزن على فنان رحل بعد معاناة مع المرض وتداعياته.

المشاركون في التشييع رددوا الأذكار والدعوات، في مشهد مؤثر يعبر عن تقديرهم للفنان الراحل. عانى عنبة من داء السكري ومشاكل في القلب، وتفاقمت حالته بسبب ملاحقة قضائية استمرت خمس سنوات.

الاستقرار في القاهرة

وصل الفنان علي عنبة إلى القاهرة الشهر الماضي مع أسرته، بهدف الاستقرار هناك بعد تدهور الأوضاع في صنعاء. فرض الحوثيون قيودًا مشددة على الحركة والإنتاج الفني، مما دفع العديد من الفنانين إلى مغادرة البلاد.

أبلغ عنبة أصدقاءه في القاهرة بقراره الاستقرار النهائي، لكنه توفي فجأة إثر نوبة سكر حادة. كان الفنان الراحل يعاني من ضغوط كبيرة بسبب الأوضاع في صنعاء، ما أثر على صحته.

إرث فني وثقافي

نعى الوسط الفني والثقافي اليمني الفنان علي عنبة، واصفين إياه بـ “المبتكر والخلاق”. لحّن عنبة أكثر من سبعين أغنية، وكان من أوائل من استخدم الإيقاع الكوكباني في صياغة أغانٍ حديثة.

أدخل الفنان الراحل مقامات موسيقية جديدة إلى اللون الصنعاني التقليدي، وتناول في أغانيه قضايا اجتماعية. رفض الغناء للحكام أو التكسّب من مدحهم، مما جعله رمزًا للنزاهة الفنية.

توثيق التراث الغنائي

كرس الفنان علي عنبة جزءًا كبيرًا من حياته لتوثيق التراث الغنائي الشعبي في الأرياف اليمنية. تنقل بين القرى لجمع الألحان الموروثة وتوثيقها وحمايتها من الاندثار.

احتفظ عنبة بعدد من الألحان النادرة التي كادت تضيع، واستعاد ألحاناً يمنية قديمة نقلها اليهود اليمنيون إلى إسرائيل. أكد أن هذه الألحان جزء من التراث اليمني الخالص، وشدد على أهمية الحفاظ عليها.

كلمة وزير الإعلام اليمني

نعى وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الإرياني الفنان الراحل، ووصفه بأنه “أحد أعمدة الفن الشعبي اليمني”. أشاد بدوره في صون التراث الفني الأصيل، وبصمته التي ستظل حاضرة في وجدان اليمنيين.

قال الإرياني إن عنبة كان “رمزاً للطرب الشعبي، وصوتاً صادقاً خرج من وجدان الناس”. وأضاف أن أغانيه ملأت القلوب شجناً ودفئاً، وستظل خالدة في الذاكرة الثقافية اليمنية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك