الأربعاء 15 أكتوبر 2025
spot_img

تحقيق: الأسد نقل سراً جثث مقبرة جماعية ضخمة

spot_img

كشف تحقيق لـ “رويترز” عن قيام النظام السوري في عهد الرئيس بشار الأسد بعملية سرية لنقل آلاف الجثث من مقبرة جماعية كبيرة إلى موقع صحراوي ناءٍ، وذلك في محاولة للتستر على جرائم حرب وتحسين صورته دولياً.

نقل سري للجثث

التحقيق، الذي استمر عامين، استند إلى شهادات 13 شخصًا على دراية مباشرة بالعملية، ومراجعة وثائق رسمية، وتحليل صور أقمار صناعية لمواقع المقبرتين. العملية السرية، التي أطلق عليها اسم “نقل الأتربة”، استمرت من عام 2019 حتى عام 2021.

الهدف من العملية، وفقًا للشهود، كان إخفاء الأدلة على الفظائع التي ارتكبها نظام الأسد، خاصة مع اقتراب نهاية الحرب الأهلية وتزايد المطالبات الدولية بالمساءلة. “رويترز” أبلغت الحكومة السورية الحالية بنتائج التحقيق، لكنها لم تتلق ردًا حتى الآن.

مقبرة الضمير الجماعية

لم يكشف التحقيق عن الموقع الدقيق للمقبرة الجديدة في الضمير، تفاديًا للعبث بها. لكنه كشف عن وجود ما لا يقل عن 34 خندقًا بطول كيلومترين، مما يجعلها من بين الأكبر التي تم حفرها خلال الحرب الأهلية السورية.

تشير الشهادات وأبعاد الموقع إلى احتمال دفن عشرات الآلاف من الأشخاص هناك. بدأت عمليات الدفن في المقبرة الجماعية بالقطيفة عام 2012، وضمت جثث جنود وسجناء لقوا حتفهم في سجون ومستشفيات النظام.

تفاصيل عملية النقل

بين شهري فبراير 2019 ونيسان 2021، كانت ست إلى ثماني شاحنات محملة بالرفات البشري تنقل أسبوعيًا من القطيفة إلى الضمير، وذلك على مدار أربع ليالٍ تقريبًا كل أسبوع. لم يتمكن “رويترز” من التحقق من وصول جثث من أماكن أخرى إلى الموقع السري، ولم يتم العثور على أي وثائق تدعم عملية “نقل الأتربة”.

جميع المشاركين في العملية يتذكرون الرائحة الكريهة التي كانت تصاحب نقل الجثث. لم يتسن الوصول إلى الأسد أو المسؤولين العسكريين المتورطين في العملية للتعليق.

إخفاء جرائم حرب

فكرة نقل الجثث ظهرت في أواخر عام 2018، مع سعي الأسد لاستعادة الاعتراف الدولي بعد سنوات من العقوبات. كان يُتهم باحتجاز آلاف السوريين، لكن لم تتمكن أي منظمة مستقلة من الوصول إلى السجون أو المقابر الجماعية.

أبلغ القادة العسكريون المشاركين في العملية أن الهدف هو تطهير مقبرة القطيفة وإخفاء الأدلة على عمليات القتل الجماعي. بحلول وقت سقوط نظام الأسد، تم إخلاء جميع الخنادق الـ 16 في القطيفة.

160 ألف مفقود سوري

تقدر منظمات حقوقية سورية أن أكثر من 160 ألف شخص اختفوا في ظل نظام الأسد، ويُعتقد أنهم مدفونون في عشرات المقابر الجماعية. يمكن أن يوفر التنقيب وتحليل الحمض النووي معلومات عن مصير هؤلاء الأشخاص، لكن الموارد المتاحة في سوريا محدودة.

المقابر الجماعية المعروفة غالبًا ما تكون غير محمية. لم تصدر الحكومة الجديدة أي وثائق تتعلق بالأفراد المدفونين هناك، رغم مطالبات عائلات المفقودين.

تحديات وتأهيل

قال محمد رضا جلخي، رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين، إن التحدي يكمن في التعامل مع عدد كبير من المفقودين، والحاجة إلى كوادر متخصصة في الطب الشرعي والبصمة الوراثية.

أكد وزير الطوارئ رائد الصالح على وجود “جرح نازف” طالما هناك عائلات تنتظر العثور على قبور أحبائهم.

تأثير نقل الرفات

قال محمد العبد الله، من “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، إن نقل الجثث عشوائيًا من القطيفة إلى الضمير كان كارثيًا على عائلات الضحايا.

وأضاف أن تجميع هذه الجثث سيجعل مهمة إرجاع الرفات إلى العائلات أمرًا معقدًا للغاية. ووصف إنشاء لجنة المفقودين بأنه خطوة إيجابية، لكنها تحتاج إلى المزيد من الموارد والخبرات.

تهديدات بالقتل

أفاد مشاركون في عملية النقل أن إفشاء السر كان يعني الموت. “ما في حد يقدر يخالف الأوامر، وإلا أنت نفسك تنتهي في الحفر”، على حد قول أحد السائقين.

اقرأ أيضا

اخترنا لك