برنامج أمريكي جديد لاعتراض الصواريخ الفضائية
أعلنت قوة الفضاء الأميركية عن طرح طلب لتقديم مقترحات أولية بهدف تطوير برنامج اعتراض فضائي، يُعد الأول من نوعه في استخدام نظام صواريخ مُصمم لاعتراض الصواريخ الباليستية المعادية في مدار الأرض. هذا الإعلان يثير تساؤلات حول تأثيره على ميزان القوى الاستراتيجي العالمي.
تحديات الصواريخ الباليستية
تواجه الولايات المتحدة حالياً تحديات جدية، حيث تمتلك ثلاث دول، هي الصين وروسيا وكوريا الشمالية، ترسانات من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، القادرة على استهداف المدن الأمريكية. وقد طورت هذه الدول مركبات انزلاقية فرط صوتية، باستثناء كوريا الشمالية التي تقتصر على صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.
تُعتبر هذه المركبات شبه مستحيلة الاعتراض بعد دخولها الغلاف الجوي، مما يجعل برنامج الاعتراض الفضائي يهدف إلى إسقاطها خلال مرحلة الإقلاع حين تكون أبطأ وأقل قدرة على المناورة. ومع ذلك، يبقى التساؤل قائماً حول مدى واقعية هذا المشروع.
الثغرات في الدفاعات الأمريكية
تأتي أهمية هذا البرنامج في ضوء القصور الملحوظ في أنظمة الدفاع الحالية ضد الصواريخ العابرة للقارات. النظام الوحيد القادر على التصدي لمثل هذه الصواريخ، وهو نظام الدفاع الأرضي في منتصف المسار (GMD)، يضم فقط 44 صاروخاً اعتراضياً، بينما يتطلب تحييد كل رأس نووي وارد نحو 3 منها على الأقل.
أما الصاروخ الكوري الشمالي Hwasong-17، فيستطيع حمل ما لا يقل عن 4 رؤوس حربية مستقلة، بينما تحمل نظيراته الصينية والروسية أكثر من 12 رأساً. مما يعني أن عددًا قليلًا من الصواريخ المعادية قد يكون كافياً لإغراق النظام الدفاعي الأمريكي.
الاختبارات وميزانيات ضخمة
أثارت النتائج السابقة للاختبارات شكوكاً كبيرة حول موثوقية النظام الدفاعي. تكلفة الصواريخ الاعتراضية الجديدة التي قيد التطوير ضمن برنامج الجيل الجديد من الاعتراضات (NGI) تصل إلى حوالي 498 مليون دولار للصاروخ الواحد، مما يضاعف التكلفة المرتفعة للدفاع ضد الصواريخ العابرة للقارات.
على الرغم من أن نظامي (GMD) و(NGI) لا يكفيان لاعتراض الصواريخ المزودة بمركبات انزلاقية فرط صوتية، يبدو أن برنامج الاعتراض الفضائي يمثل طفرة محتملة في هذا المجال، لكنه يواجه أيضاً تحديات مالية ضخمة.
إمكانات النظام الجديدة
من أبرز مزايا البرنامج الجديد أنه قد يتمكن من تدمير الصاروخ في مرحلة الإقلاع قبل انفصال الرؤوس الحربية المتعددة، مما قد يعادل تأثير ضربة واحدة من الفضاء بما بين 4 إلى 12 صاروخاً اعتراضياً من الأرض.
ومع ذلك، فإن تكلفة نقل المواد والمعدات إلى المدار تشكل عبئاً مالياً هائلاً، في ظل الترسانات الكبيرة لكل من روسيا والصين، وسرعة توسع القدرات الصاروخية لكوريا الشمالية، مما يجعل بناء منظومة دفاعية فعالة أمراً صعباً.
التهديدات المتزايدة
سيشكل تركيز عدد كبير من الصواريخ الاعتراضية على الأقمار الصناعية هدفاً لأسلحة مضادة للأقمار الصناعية، التي تتزايد فاعليتها. ورغم أن تعزيز القدرات الدفاعية ضد الهجمات المحتملة من القوى الكبرى يعد أولوية، فإن إنشاء درع فعالة ضد الهجوم بصواريخ عابرة للقارات ما زال هدفاً بعيد المنال. وبذلك تظل جدوى برنامج الاعتراض الفضائي الأمريكي محل شك كبير.