الأحد 12 أكتوبر 2025
spot_img

الحوثيون بعد غزة: ورطة عسكرية ومساعٍ لإعادة التموضع

spot_img

مع انتهاء الحرب في غزة، يواجه الحوثيون تحديات جديدة في الحفاظ على زخمهم العسكري والتعبئة الداخلية، بينما يرى مراقبون أن خيارات الجماعة باتت أكثر تعقيدًا.

الحوثيون وتصعيد محتمل

في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار، أعلن عبد الملك الحوثي عن استمرار جماعته في رصد الأحداث، والتأهب لاتخاذ مواقف تجاه أي مستجدات، مؤكدًا على الجهوزية لمراقبة تنفيذ الاتفاق، وملمحًا إلى دور الجماعة في “الفشل الإسرائيلي” المزعوم.

تباهى الحوثي بتنفيذ 1835 عملية عسكرية، منذ بدء الحرب في غزة، محذرًا من توجه إسرائيل لعمل عسكري جديد، الأمر الذي يستدعي، بحسب قوله، استمرار الإعداد لجولات مقبلة من الصراع، رغم إعلان وقف إطلاق النار.

رغبة في استمرار التصعيد

يعكس خطاب الحوثي رغبة الجماعة في استمرار التصعيد العسكري ضد إسرائيل، مشيرًا إلى أن عدم تحقيق النتائج المرجوة من اتفاق وقف إطلاق النار سيكون دافعًا لمواصلة “مسار الدعم والإسناد”.

مأزق الحوثيين الإقليمي

يرى علي الصراري، مستشار رئيس الوزراء اليمني، أن انتهاء الحرب في غزة وضع الحوثيين في مأزق، بعد أن ساعدتهم ادعاءات مناصرة سكان القطاع في ترتيب أوضاعهم الداخلية وحشد المقاتلين.

من المهم للجماعة تجنب المزيد من الهجمات الإسرائيلية والأمريكية، مع بقائها خاضعة للقرار الاستراتيجي الإيراني، الذي لا يزال يعتبر البحر الأحمر ورقة ضغط وابتزاز في مواجهة الولايات المتحدة.

إحياء خارطة الطريق؟

من المرجح أن يسعى الحوثيون إلى إعادة إحياء خريطة الطريق الأممية للحل السلمي في اليمن، التي تعطلت بسبب التصعيد العسكري الحوثي خارج اليمن، على الرغم من أن الوضع قد تغير ولم يعد بالإمكان العمل بتلك الخريطة.

كان هانس غروندبرغ، المبعوث الأممي، قد تقدم بخريطة طريق للحل السلمي في اليمن نهاية عام 2023، إلا أن النشاط العسكري الحوثي في البحر الأحمر وهجماته ضد إسرائيل عطلت إمكانية البدء في تنفيذها.

ورطة عسكرية وسياسية

تُعدّ الأوضاع الداخلية عاملًا مهمًا في موقف الحوثيين، حيث سيجدون صعوبة في التعبئة تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين، والحاجة لتبرير استمرار الأزمات المعيشية وانقطاع الرواتب.

يرى فارس البيل، الأكاديمي اليمني، أن الجماعة تشعر بورطة عسكرية وسياسية بعد اتفاق التهدئة في غزة، لفقدانها مبررات مغامراتها العسكرية التي تخدم النظام الإيراني.

استغلال الأزمات

بحسب البيل، استغلت الجماعة الحوثية نشاطها العسكري ضد إسرائيل والملاحة في البحر الأحمر للهروب من تبعات السخط الشعبي، وعادت بمبرر تلك المواجهة إلى ممارسة الحشد العسكري، وعسكرة الحياة، وتشديد قبضتها الأمنية، ومضاعفة نهب الأموال.

بسبب مغامرات الجماعة، اختلفت المعادلة، حيث خسرت دعمًا من أطراف دولية كانت تتوقع منها التحول إلى حالة سياسية، وأصبح عليها ثأر من إسرائيل لا يمكن تجاهله، وخسرت التفاوض السياسي، وأودت باليمنيين إلى المحرقة.

تطوير القدرات العسكرية

حشدت الجماعة أنصارها، الجمعة الماضي، تحت دعوى “تتويج عامين من نصرة فلسطين”، وزعمت أنها تمكنت من تطوير قدراتها العسكرية وتحقيق حضور في الساحة العالمية.

خيارات الحوثيين

يضع الباحث اليمني محمد عبد المغني احتمالين لتوجهات الجماعة بعد إعلان وقف إطلاق النار في غزة؛ التهدئة المؤقتة وإنهاء النشاط العسكري أو استمرار التهديدات تحت ذريعة الجاهزية للعودة في حالة تعثر تنفيذ الاتفاق.

فقد الحوثيون مبرراتهم المباشرة، لكنهم لم يفقدوا مبرراتهم الاستراتيجية والسياسية، لأنهم يستخدمون الصراع أداة ضغط سياسية لتقوية موقفهم وموقف إيران.

مرحلة إعادة تموضع

يرى عبد المغني أن التنبؤ بأي تحرك للجماعة لا بد أن يرتبط بموقف إيران، وحتى لو انتهت الحرب تمامًا في غزة، فإنها ستبحث عن مبررات جديدة لاستمرارها في التصعيد.

يتوقع أن تتجه الجماعة إلى مرحلة إعادة تموضع، والمحافظة على وتيرة منخفضة من التصعيد، ومحاولة الوصول إلى توازن بين التهدئة الإقليمية والحفاظ على سيطرتها الداخلية، مع بقاء البحر الأحمر ورقة ابتزاز وضغط بيد إيران.

بعد أن كانت تستخدم الجماعة الحوثية أنشطتها العسكرية للتحول إلى قوة مؤثرة في المنطقة، ستواجه خطر فرض العزلة السياسية، بعد تغير الموقف الأوروبي تجاهها عقب عمليتها الأخيرة في البحر الأحمر.

اقرأ أيضا

اخترنا لك