تتطور ساحة المعركة في أوكرانيا بشكل متسارع مع تزايد استخدام الطائرات المسيرة، حيث تمتد تداعيات هذا الاستخدام إلى دول أخرى مثل بولندا والدنمارك والنرويج. وقد أثار حساب واشنطن تجاه هذه الأحداث تساؤلات بشأن القدرة الدفاعية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) لمواجهة هذه التهديدات المتزايدة.
اختراقات جديدة
تتزايد الاتهامات حول اختراقات الطائرات المسيرة الروسية للمجال الجوي، مما دفع واشنطن إلى اتخاذ مواقف حذرة. وقد أفادت التقارير بتحليق مسيرات قرب المطارات في الدنمارك والنرويج، مما أدى إلى تعطيل الحركة الجوية، وهو ما اعتبرته التقارير خطوة مدعومة من الكرملين.
تشير مجلة The National Interest إلى أن هذه الاختراقات ليست عشوائية بل تمثل “اختبارات” لدفاعات الناتو ضد الابتكارات الحربية السريعة.
ضرورة الابتكار
مع تزايد قلق القادة العسكريين الغربيين بشأن سرعة التطورات في استخدام الطائرات المسيرة، يُواجه حلف الناتو تحديًا في ضرورة دمج الابتكارات الأوكرانية في دوره الدفاعي.
لقد غيّر الغزو الروسي لأوكرانيا ملامح الحرب بالطائرات المسيرة، وكافحت الولايات المتحدة، رغم قوتها العسكرية الكبيرة، للتكيف مع هذا التحول السريع. ورغم تفوقها في المنتجات الدفاعية التقليدية، تواجه أمريكا تحدّي الإنتاج الضخم لأنظمة المسيرات ذات التكلفة المنخفضة.
فجوات الخبرة
تشير الوزارة الأميركية للدفاع إلى وجود فجوة في الخبرة القتالية لدى القوات الأميركية مقارنة بتجارب الجنود الأوكرانيين الذين استخدموا الطائرات المسيرة في قتالهم اليومي. وقد أقر وزير الدفاع الأميركي، بيت هيجسيث، بهذا التحدي، موضحًا الحاجة الملحة لتسريع اعتماد الطائرات المسيرة في الجيش.
لذا، بدأت القوات الأميركية في إجراء اختبارات على المسيرات المطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد وتعزيز التدريبات باستخدام محاكيات. وقد وصفت The National Interest هذه الخطوات بأنها “مهمة” لكنها أكدت على ضرورة تسريع جهود التكيف مع التطورات الجديدة.
الشراكة مع أوكرانيا
في المقابل، أسست أوكرانيا منظومة ديناميكية ومرنة لتطوير الطائرات المسيرة، وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية أن أكثر من 95% من الطائرات المستخدمة في الخطوط الأمامية تُنتج محلياً، مما يعكس سرعتها في الابتكار.
بينما يستغرق الأمر سنوات للناتو لاستكمال عمليات الشراء، تعمل الشركات الأوكرانية على تحسين تصميماتها في غضون أسابيع، بفضل ردود الفعل السريعة من الجنود في ميدان القتال.
تطوير المسيرات القتالية
تتفوق الطائرات الأوكرانية بشكل خاص على البدائل التجارية الغربية لأنها مُصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المعركة. ومن أبرز التطورات، تلك المتعلقة بالطائرات القتالية الليلية، المعروفة باسم Baba Yaga، التي أصبحت سلاحًا رئيسيًا في ساحة المعركة.
تشمل الطائرات الثقيلة مثل Kazhan من شركة Reactive، التي تتمتع بقدرة على الضرب وتُجهز بمكونات قابلة للتبديل، مما يجعلها فعالة في تحميل قذائف متعددة، تتوافق مع معايير حلف الناتو.
تجارب وشراكات متواصلة
تُختبر هذه الطائرات بشكل مستمر في ظروف قتالية حقيقية، وهو ما يميزها عن الأنظمة الغربية. ومع اقتراب موسكو من مواجهة فعالة مع الناتو، يُعتبر القطاع الدفاعي الأوكراني “رصيداً استراتيجياً” لا غنى عنه للتحضير لمعارك المسيرات المستقبلية.
يبدو أن الكونجرس الأميركي قد بدأ بالفعل بفتح آفاق جديدة للإنتاج المكثف للطائرات المسيرة عبر مشروع قانون المصالحة الدفاعية، الذي تبلغ قيمته 150 مليار دولار، والذي يُخصص استثماراً تاريخياً لهذا القطاع.
التحديات والفرص
كشفت الحرب في أوكرانيا عن نقاط ضعف صراعات اليوم، وأشارت الابتكارات الأوكرانية إلى الحلول لتحديات حلف الناتو في إنتاج الطائرات المسيرة لمواجهة التهديدات. هذه التطورات تضع الولايات المتحدة وأوكرانيا في موقف قوي لإعادة صياغة مفهوم الردع في عصر الطائرات.
لنجاح التعاون بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، يتعين على كييف تعزيز مرونتها في أوقات الحرب، بما يتضمن إزالة العقبات البيروقراطية التي تعترض الاستثمار الأجنبي والتعاون في الأمن الدفاعي.