تتصاعد وتيرة الصراع في أوكرانيا مع تحولات متسارعة تعيد رسم الخريطة الاستراتيجية، وتضع روسيا تحت ضغوط متزايدة. وتشن كييف هجمات متواصلة على أهداف داخل الأراضي الروسية باستخدام طائرات مسيرة، مستفيدة من دعم استخباراتي أمريكي، في الوقت الذي يتوجه فيه وفد أوكراني إلى واشنطن لإبرام اتفاقية تعاون تكنولوجي متقدمة وغير مسبوقة في مجال الطائرات المسيرة.
شراكة تكنولوجية متقدمة
يسعى الوفد الأوكراني في واشنطن إلى إقامة شراكة مع الولايات المتحدة تتيح لواشنطن الوصول إلى تكنولوجيا الطائرات المسيرة التي طورتها كييف خلال الحرب. وبحسب مستشار رئاسي أوكراني، فإن الاتفاق المقترح سيمنح أوكرانيا عوائد مالية ودعماً مقابل مشاركة هذه التكنولوجيا، مؤكداً استعداد كييف للتحول إلى شريك صناعي للولايات المتحدة في هذا القطاع الحيوي.
ويرى خبراء أن هذه الشراكة المحتملة قد تحدث تحولاً في موازين القوى، خاصة وأن أوكرانيا أصبحت ساحة اختبار حقيقية لتكنولوجيا الحرب الحديثة.
إنتاج وفير وتكلفة منخفضة
تشير التقديرات العسكرية إلى أن أوكرانيا تمكنت من إنتاج أكثر من مليوني طائرة مسيرة خلال العام الماضي بتكلفة منخفضة نسبياً، بينما تواجه الولايات المتحدة ودول أوروبية تحديات في تطوير طائرات مماثلة بنفس السرعة والكفاءة.
وقد دفعت هذه الإمكانيات عدداً من الشركات الغربية، بالتعاون مع حكوماتها، إلى زيادة استثماراتها في الشركات الأوكرانية المتخصصة في إنتاج الطائرات المسيرة، بل وحتى إنشاء مصانع لها على الأراضي الأوروبية.
ميزة استراتيجية لواشنطن
أكد مسؤول في وزارة التجارة الأميركية أن هذه الشراكة المحتملة ستمنح واشنطن “ميزة استراتيجية في سباق تكنولوجيا الحرب المستقبلية”، مع التشديد على ضرورة ضمان حماية حقوق الملكية الفكرية الأوكرانية وإشراك المستثمرين الأميركيين في خطوط الإنتاج.
الدعم الاستخباراتي الأمريكي
أكدت مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة تقدم لأوكرانيا دعماً استخباراتياً مباشراً يتيح لها شن ضربات دقيقة على منشآت الطاقة الروسية.
وقال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية: “نحن لا نضغط على الزر، لكننا نشارك مع شركائنا الأوكرانيين معلومات تسمح لهم بتحديد مواقع حساسة بدقة أكبر”.
تجاوز القيود السابقة
يعكس هذا التحول انفتاحاً أكبر داخل إدارة ترمب على تجاوز القيود السابقة التي فرضها البنتاغون، خشية التصعيد المباشر مع موسكو.
وأوضح أحد أعضاء مجلس الأمن القومي الأميركي أن “البيت الأبيض يدرك أن شل قطاع الطاقة الروسي يضعف قدرة الكرملين على تمويل حرب طويلة الأمد، ومن شأنه أن يخلق ضغطاً داخلياً على بوتين”.
تقدير أوكراني للدعم
أعرب الرئيس زيلينسكي عن امتنانه للدعم الأميركي، مؤكداً أن “المعلومات التي تصلنا من شركائنا حوّلت طائراتنا المسيرة إلى أدوات أكثر دقة وفاعلية”.
وفي مقابلة تلفزيونية، أشار زيلينسكي إلى أن “روسيا قد تبدو قوية من الخارج، لكنها في الواقع نمر من ورق يعتمد، بشكل كامل، على إيرادات النفط والغاز”.
هجمات أوكرانية متواصلة
أكد حاكم منطقة الأورال، جنوب روسيا، أن أوكرانيا هاجمت مصفاة نفط روسية في المنطقة بطائرات دون طيار، في أحدث سلسلة من الضربات بعيدة المدى التي نفّذتها كييف.
في المقابل، هدد الرئيس الروسي بوتين بضرب محطات الطاقة النووية الأوكرانية إذا لم تتوقف أوكرانيا عن هجماتها المزعومة على محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي تحتلها روسيا.
استهداف منشآت الطاقة
أعلن سلاح الجو الأوكراني أن روسيا هاجمت منشآت الطاقة الأوكرانية في عدد من المناطق بالمُسيّرات والصواريخ، وتركزت الهجمات الرئيسية في منطقة بولتافا بوسط البلاد وخاركيف في الشرق.
أوسع هجوم روسي
أعلنت شركة “نافتوغاز” الأوكرانية العامة المشغلة لشبكة الغاز أن روسيا شنت “أوسع هجوم” على منشآت لإنتاج الغاز في البلاد منذ بدء الغزو الروسي في 2022، مستخدمة 35 صاروخاً و60 طائرة مسيرة.
إنذار في سوتشي
بعد وقت قصير من حديث الرئيس الروسي عن الحرب وقضايا أخرى في منتدى بمدينة سوتشي، انطلق إنذار بوجود مسيرة محذراً من هجوم أوكراني.
وأعلنت هيئة الطيران الروسية روسافياتسيا تعليق العمليات في مطاريْ سوتشي وجيلينجيك، وتلقى مالكو الهواتف المحمولة رسالة نصية تحذرهم من إنذار بوجود طائرة مسيرة في إقليم كراسنودار.
“عسكرة أوروبا”
تعهد الرئيس الروسي برد “قوي” على “عسكرة أوروبا”، وقال إن “الإجراءات الانتقامية الروسية لن تتأخر. وسيكون الرد على هذا النوع من التهديدات قوياً جداً”.
كما عدّ بوتين أن إرسال صواريخ أميركية بعيدة المدى من طراز “توماهوك” إلى أوكرانيا سيشكل “تصعيداً جديداً” بين موسكو وواشنطن.
حرب استنزاف طويلة الأمد
يحذر محللون من أن الحرب مرشحة لأن تطول، ما لم تُتخذ خطوات أكثر جرأة من الغرب.
ويرى آخرون أن الهشاشة الاقتصادية الروسية تجعل استمرار الحرب مكلفاً لبوتين بشكل غير مسبوق. وفي النهاية، يبقى السؤال: هل ستدفع هذه الضغوط بوتين إلى التفاوض، أم أن الحرب ستبقى مفتوحة على استنزاف طويل يختبر صبر جميع الأطراف؟