في ظل تصاعد حدة التوترات في المحيطين الهادئ والهندي، يواجه البنتاغون تحديًا استراتيجيًا يتمثل في نقص حاد في مخزوناته من الذخائر الحساسة، وعلى رأسها الصواريخ، وذلك نتيجة للدعم العسكري المتواصل لأوكرانيا، واستهلاك المخزونات خلال المواجهات الأخيرة مع إيران وحلفائها.
سباق التسلح الصيني
في المقابل، تستعرض الصين أحدث ما لديها من منظومات الأسلحة المتطورة، بما في ذلك الأسلحة فرط الصوتية، في الوقت الذي يسعى فيه القادة الأمريكيون إلى مضاعفة، بل وربما مضاعفة أربعة أضعاف، إنتاج 12 نوعًا من الصواريخ الأكثر طلبًا، تحسبًا لأي مواجهات محتملة.
تواجه وزارة الدفاع الأمريكية معركتين متزامنتين: الأولى في ساحة التنافس العسكري مع الصين، والثانية داخلية لضمان التمويل اللازم وإعادة بناء قاعدة صناعية دفاعية قادرة على تلبية متطلبات أي صراع طويل الأمد.
مجلس تسريع الذخائر
يقود نائب وزير الدفاع ستيف فاينبرغ مبادرة تحت اسم “مجلس تسريع الذخائر”، تهدف إلى الضغط على كبرى شركات الصناعات الدفاعية، مثل “لوكهيد مارتن” و”رايثيون” و”بوينغ”، لزيادة سرعة خطوط الإنتاج.
تشمل هذه الجهود اجتماعات أسبوعية واتصالات مباشرة مع المديرين التنفيذيين، مما يعكس تدخلًا حكوميًا غير معتاد في تفاصيل الصناعة العسكرية.
توسيع القوة العسكرية
أكد المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، في بيان رسمي، أن إدارة ترمب تستكشف طرقًا استثنائية لتوسيع القوة العسكرية وتسريع إنتاج الذخائر، مشيرًا إلى أن الخطة هي نتاج تعاون بين قادة صناعة الدفاع وكبار مسؤولي البنتاغون.
تحديات الإنتاج
تواجه هذه الطموحات تحديات كبيرة، حيث يستغرق إنتاج صاروخ متطور مثل “باتريوت” عامين كاملين، ويتطلب تأهيل موردين جدد لقطع الغيار أو الوقود الصلب استثمارات بمئات الملايين وفترات اختبار طويلة لضمان الموثوقية.
يشير توم كاراكو، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أن الشركات لا تصنع هذه المعدات بمواصفاتها الخاصة، بل تنتظر الحكومة لتوقيع العقود وتقديم الدعم المالي اللازم.
تمويل الذخائر
خصص مشروع قانون الدفاع الذي أقرته إدارة ترمب في شهر يوليو الماضي 25 مليار دولار إضافية لتمويل الذخائر على مدى 5 سنوات، إلا أن محللين يرون أن هذا المبلغ غير كاف لتغطية التكلفة الحقيقية، التي قد تتطلب عشرات المليارات الإضافية لتحقيق الأهداف الإنتاجية الطموحة.
توسعات الشركات
تعمل الشركات الكبرى على إظهار استعدادها لتلبية الطلب المتزايد، حيث قامت “لوكهيد مارتن” بتوسيع منشآتها وتعهدت بزيادة إنتاج صواريخ “باك-3″، بعد حصولها على عقد يقارب 10 مليارات دولار لإنتاج نحو ألفي صاروخ خلال الفترة بين عامي 2024 و2026.
تطمح وزارة الدفاع الأمريكية إلى رفع الإنتاج إلى أربعة أضعاف المعدلات الحالية، وهو تحد غير مسبوق منذ الحرب الباردة.
التزامات مالية واضحة
أبدت شركة رايثيون حذرها، حيث أكد رئيسها التنفيذي كريستوفر كاليو في رسالة رسمية إلى البنتاغون أن الشركة مستعدة لزيادة الإنتاج، لكنها تحتاج إلى التزامات مالية واضحة وتمديدات برامجية لتأمين الاستثمارات المطلوبة.
تؤكد الشركة على أهمية الإشارة إلى قوة الطلب على هذه الذخائر لتأمين قاعدة التوريد.
تطوير الإنتاج
تسعى “بوينغ” لتفادي أي اختناقات في إنتاج المقذوفات المستخدمة في صواريخ “باتريوت”، بعد أن أصبحت هذه المكونات نقطة ضعف في سلسلة التوريد، حيث استثمرت الشركة في توسعة جديدة لمصنعها، وأعلنت عن تحقيق أرقام قياسية في تسليماتها الشهرية.
كما استثمرت شركة “نورثروب غرومان” أكثر من مليار دولار في مرافق إنتاج محركات الصواريخ الصلبة، وتخطط لمضاعفة طاقتها الإنتاجية خلال أربع سنوات.
جرس الإنذار الأوكراني
يعكس هذا السباق إدراكًا متزايدًا في واشنطن بأن التحدي الصيني لا يقتصر على تطوير أسلحة فرط صوتية أو صواريخ طويلة المدى، بل يمتد إلى القدرة على الإنتاج الكمي السريع، حيث أشار بيل لابلانت، وكيل وزارة الدفاع السابق، إلى أن الصراع في أوكرانيا كان بمثابة جرس إنذار.
فجوة في القدرات
يقر المسؤولون بوجود نقص حاد في صواريخ الاعتراض مثل “باتريوت”، مما يترك فجوة في قدرة الولايات المتحدة على حماية قواعدها وحلفائها في المحيط الهادئ.
مع إطلاق واشنطن مئات الصواريخ المتطورة خلال الصراع الأخير بين إسرائيل وإيران، تزايدت المخاوف من استنزاف الترسانة على نحو لا يتناسب مع وتيرة التهديدات المتسارعة.