عقود الذهب الآجلة “كومكس” سجلت اليوم مستوى قياسيًا جديدًا، متجاوزة 3850 دولارًا للأونصة، وذلك في إطار صعود تاريخي يعكس تقلبات المعدن النفيس على مدى أكثر من قرنين.
تاريخ تسعير الذهب
منذ اعتماد الدولار كعملة موحدة للولايات المتحدة، كانت أسعار الذهب تتحدد من خلال قرارات حكومية. بين عامي 1796 و1834، بلغ سعر الأونصة نحو 19.5 دولار، قبل أن يرتفع إلى 20.67 دولار.
بعد الكساد الكبير في عام 1933، ألغت السلطات الأمريكية تداول الذهب نقدًا وحظرت امتلاك الأفراد له، لتثبت سعره عند 35 دولارًا. أصبح هذا السعر لاحقًا أساس نظام “بريتون وودز”، الذي جعل الدولار عملة الاحتياط العالمية القابلة للتحويل إلى ذهب.
تحولات كبيرة في النظام المالي
مع تصاعد الإنفاق الأمريكي في حرب فيتنام والضغوط الاقتصادية، بدأ النظام يترنح. في 5 أغسطس 1971، أعلن الرئيس ريتشارد نيكسون وقف تحويل الدولار إلى ذهب، مما أدى إلى انهيار نظام “بريتون وودز” وسعر الذهب وفق آلية السوق.
تجاوزت أسعار الذهب مستوى 100 دولار للمرة الأولى في مايو 1973، واستقرت لاحقًا نحو 150 دولارًا. إلا أن التوترات الدولية في أواخر السبعينيات أدت إلى قفزة كبيرة، حيث تجاوز سعر الأونصة 500 دولار بعد التدخل السوفيتي في أفغانستان، ليصل إلى 711 دولار في سبتمبر 1980، ما يعادل نحو 2700 دولار بأسعار 2025.
عقود متباينة عبر الزمن
خلال الثمانينيات والتسعينيات، استقرت أسعار الذهب بين 300 و400 دولار، قبل أن تنخفض إلى 250 دولارًا مع بداية الألفية. ولم تغير هجمات 11 سبتمبر 2001 مسار الأسعار بشكل كبير.
أدت الأزمة المالية العالمية عام 2007 إلى استعادة الذهب لمكانته كملاذ آمن، ليتجاوز حاجز 1000 دولار في 2008، ثم يصل إلى 1900 دولار في عام 2011. ومع تحسن الثقة في الاقتصاد الأمريكي، تراجعت الأسعار قرب 1000 دولار بحلول 2015.
عودة الطلب المرتفع
منذ عام 2019، زاد الطلب على الذهب بشكل ملحوظ، خاصة مع دخول البنوك المركزية مثل روسيا والصين كمشترين رئيسيين. ومع جائحة كورونا في عام 2020، تخطى الذهب 2000 دولار لأول مرة في تاريخه.
منذ أواخر 2023، تزايدت التوترات الجيوسياسية وارتفاع احتياطيات البنوك المركزية، مما غذى موجة صعود جديدة. في أغسطس 2024، تجاوزت الأسعار 2500 دولار، ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع 2025، تخطى الذهب 3000 دولار، ليصل حاليًا إلى المستوى التاريخي عند 3850 دولارًا للأونصة.
تحليل السوق والتوقعات المستقبلية
قال بوريس كراسنوجينوف، رئيس قسم تحليل أسواق الأوراق المالية في بنك ألفا الروسي، إن ارتفاع أسعار الذهب مدعوم بالطلب من البنوك المركزية والأفراد. ويفترض أن التوترات الجيوسياسية الحالية قد تدفع الأسعار إلى 4000 دولار للأونصة أو أكثر.
ووفقًا لكراسنوجينوف، فإن أسعار الفضة تشهد تقلبات أكبر نظرًا لانخفاض حجم تداولها من حيث القيمة النقدية، حيث يُعد حجم تداول الفضة أقل بنحو 10 مرات مقارنة بالذهب. وبالنظر إلى النسبة التاريخية بين الذهب والفضة، يبدو من الواقعي أن يصل سعر الفضة إلى 46-47 دولارًا للأونصة.