تقرير إسرائيلي يكشف عن تحول جذري في العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، حيث يعتبر “السلام البارد” الذي ساد على مدى العقود الأربعة الماضية قد انتهى، مع تزايد مؤشرات المواجهة المفتوحة بين الجانبين.
تغيير نوعي في المواقف
أوضح تقرير نشره موقع “ناتسيف.نت” الإسرائيلي، المحسوب على الأجهزة الأمنية والذي يديره جنرال سابق في المخابرات العسكرية، أن التصريحات المتزايدة بين مصر وإسرائيل تعكس تغييراً نوعياً في العلاقة بين الطرفين.
وأشار التقرير إلى تطور بالغ الأهمية، يتمثل في استخدام مصر لأول مرة منذ اتفاقية السلام عام 1979، كلمة “العدو” للإشارة إلى إسرائيل، وذلك خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة عقب القصف الإسرائيلي لوفد حماس.
فتور العلاقات السياسية
وأكد التقرير أن غياب السفراء بين البلدين لسنوات، وعدم رغبة القاهرة في تنصيب السفير الإسرائيلي الجديد، يمثلان مؤشراً عملياً على فتور العلاقات وضيق قنوات الاتصال المباشر.
وأوضح أن هذا الوضع يُعزز ضعف آليات حل الأزمات التقليدية، مشيراً إلى أن الأزمة الراهنة قد تحولت إلى حرب سياسية، بينما تقف العلاقات الأمنية على “شفا الهاوية”.
مواجهات متعددة الأبعاد
لفت التقرير إلى أن المواجهة بين القاهرة وتل أبيب تأخذ أبعادًا متعددة، حيث لم تعد تقتصر على الجانب العسكري التقليدي، بل أصبحت معركة سياسية وإعلامية وأمنية معقدة. وتوسع اتهامات إسرائيل لمصر لتشمل مزاعم حول تهريب أسلحة عبر الحدود، حيث ذكرت تقارير إسرائيلية أن أكثر من 100 طائرة بدون طيار عبرت الحدود المصرية خلال شهر واحد.
ويعتبر المحللون أن هذه الاتهامات تؤدي إلى “ذريعة” لتعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي على طول الحدود مع مصر، مما يسهل طلب التدخل الأمريكي لحماية إسرائيل من أي تهديدات محتملة.
استراتيجية مصر الجديدة
في المقابل، يشير التقرير إلى أن مصر تتبنى استراتيجية تعتمد على ركيزتين رئيسيتين:
الشرعية الدولية: حيث أكدت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية أن جميع التحركات العسكرية في سيناء تتم في إطار “تنسيق مسبق مع أطراف اتفاقية السلام”.
رفض التهجير كخط أحمر: تظل رفض خطة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء جزءًا جوهريًا من الاستراتيجية المصرية، حيث تعد هذه الخطوة بمثابة إعلان حرب على السيادة المصرية.
أبعاد العلاقات الثلاثية
وكشف التقرير عن طبيعة العلاقات المثلثية بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، حيث تسعى تل أبيب للتدخل الأمريكي للضغط على القاهرة. كما قد تؤدي هذه الديناميكية إلى تعزيز مصر لتحالفاتها الإقليمية والدولية الأخرى لتحقيق التوازن الاستراتيجي.
حرب على عدة جبهات
اختتم التقرير مشهد العلاقات الحالية بتصريح يعتبرها “حرباً على الورق وعلى الأرض”، حيث تسعى إسرائيل إلى “عسكرة الأزمة” من خلال تضخيم التهديدات. في الوقت نفسه، تنتهج مصر استراتيجية “تسييس الدفاع” بالالتزام بالاتفاقيات الدولية. ويتوقف نجاح كل استراتيجية على قدرة الطرفين على الحصول على الدعم الدولي وإدارة التوترات دون الانزلاق إلى نهايات غير محسوبة، وهو ما لا يرغب فيه أي من الطرفين، لكن المنطقة تظل معلقة على شفا الهاوية أكثر من أي وقت مضى.