مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، تتسارع وتيرة المشاورات السياسية في بغداد وإقليم كردستان، وسط تكهنات حول تحالفات انتخابية محتملة، يحيط بها الغموض في ظل الانقسامات العميقة بين القوى الشيعية والسنية والكردية.
انقسامات شيعية عميقة
تشهد الساحة السياسية الشيعية انقساماً داخل “الإطار التنسيقي”، التحالف الذي يضم فصائل متحالفة مع إيران، رغم قيادته الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني. وتفاقمت الخلافات بين زعيم ائتلاف “دولة القانون” نوري المالكي، والسوداني المدعوم من أطراف في “الإطار” نفسه.
تسعى بعض الأطراف إلى تشكيل تحالف “الأقوياء”، يضم “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني، وائتلاف “دولة القانون”، وتحالف “العزم” السني بقيادة مثنى السامرائي.
مساعي سنية كردية
يبدو السامرائي حريصاً على قيام هذا التحالف، بهدف الجمع بين المالكي وقيس الخزعلي (زعيم عصائب أهل الحق) مع بارزاني، بينما يرى آخرون أن التحالف يحتاج المزيد من العمل لإنجازه.
تهدف مساعي السامرائي إلى إضعاف خصومه من القوى السنية، وعلى رأسهم رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي، وتكريس نفسه ممثلاً أول للمكون السني.
تحركات متضادة
يتنافس كل من محمد شياع السوداني ونوري المالكي لإقناع “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بالتحالف معهما، حيث يسعى السوداني لمنع المالكي من العودة إلى رئاسة الحكومة.
قد يكون الخزعلي مهتماً بالتحالف المطروح، بسبب تردده في دعم ولاية ثانية للسوداني، وتفضيله علاقته بالسامرائي.
حل أزمة الرواتب
تسعى الحكومة الاتحادية لاستثمار حل ملف رواتب موظفي إقليم كردستان والقضايا المالية الأخرى، لإقناع بارزاني بالتحالف معها.
كان وزير الخارجية فؤاد حسين، القيادي في حزب بارزاني، قد أعلن عن إزالة العقبات التي تعوق صرف الرواتب، دون توضيح آليات ذلك.
قطع الطريق على السوداني
قد تجمع الراغبين في الانضمام إلى “تحالف الأقوياء” رغبتهم في قطع الطريق على ولاية ثانية للسوداني، بينما يظل القرار النهائي لبارزاني بشأن حليفه المقبل في بغداد عاملاً حاسماً.
صعوبة التكهن
يقر كفاح محمود، المستشار الإعلامي لزعيم “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، بصعوبة التكهن بالتحالفات المحتملة بين “الديمقراطي” والقوى الأخرى.
يؤكد محمود أهمية “الأوزان الانتخابية” في تحديد شكل التحالفات المقبلة، مشيراً إلى أن الأوضاع داخل الإقليم غير مهيأة لأي تحرك تحالفي أو انتخابي باتجاه الأحزاب العربية.
ثوابت استراتيجية
يشير محمود إلى “الثوابت الاستراتيجية” التي ستحكم تحركات “الحزب الديمقراطي” باتجاه بغداد، وأبرزها حسم ملف النفط والطاقة، وقضية رواتب موظفي كردستان، والإيمان بالثوابت الدستورية والنظام الفيدرالي.
يؤكد محمود أن أي اتفاق سابق للانتخابات لا يحمل أهمية حقيقية ما لم يُقرن بنية صادقة لتطبيقه، مشيراً إلى أن “الحزب الديمقراطي” يهتم بجدوى التحالفات وانعكاساتها الإيجابية على كردستان والعراق.
لا جدية في التفاوض
لا يستبعد مصدر في ائتلاف “دولة القانون” نجاح التحركات التي يقودها مثنى السامرائي، ضمن المفاوضات الأولية بين الأحزاب استعداداً للانتخابات.
يشير المصدر إلى أن قيادة “دولة القانون” تستقبل يومياً عدداً كبيراً من السياسيين، لكن لم يتبلور اتفاق جديد حتى الآن، ولا ينفي إمكانية التحالف مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني” أو غيره من الأحزاب بعد إعلان النتائج.
تكرار السيناريو السابق
يرى المصدر أن الاحتكاك داخل المكون الواحد أمر وارد بسبب التنافس على المقاعد، لكنه سينتهي بعد إعلان النتائج.
يتوقع المصدر أن تستعيد الدورة البرلمانية الحالية المسارات نفسها التي حكمت الدورات السابقة، أي إن القوى الشيعية ستتحالف أولاً لتشكيل الحكومة، ثم تتحرك نحو الأحزاب السنية والكردية.