أكد وزير المال اللبناني، ياسين جابر، أن الدين المزعوم بقيمة 16.5 مليار دولار الذي سجله رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان السابق، لا يُعتبر دينًا قانونيًا على الدولة. وأشار إلى أن هذا المبلغ هو مجرد وسيلة لتحسين دفاتر المصرف.
استدانة غير معترف بها
وصرح جابر بأن الاستدانة يجب أن تُصدر بموجب قانون ينص عليه مجلس النواب، لذلك لن يعترف بهذا الدين كوزير للمال. كما أبدى قلقه من ترك هذه المبالغ لفترة طويلة خارج الدفاتر ثم إظهارها بهذه الطريقة، مشيرًا إلى تساؤلات حول الشفافية.
وقال: “لماذا تركت أموال خارج الدفاتر؟” محذرًا من أن تحميل تسديد هذا الدين، الذي يوازي نصف الناتج المحلي، قد يُشكل خطرًا على علاقات لبنان مع حاملي اليوروبوند، الذين قد يستخدمون ذلك كذريعة لرفع دعاوى غش.
ملاءة المصارف اللبنانية
وأكد جابر أن مصارف لبنان تتمتع بملاءة مالية كافية، حيث تمتلك ذهبًا يُعادل 32 مليار دولار وكاش بقيمة 11 مليار دولار، بالإضافة إلى ممتلكات أخرى. وتعارض هذه المعطيات موقف رياض سلامة الذي يطالب باعتبار هذا الدين ضمن أصول مصرف لبنان لزيادة الملاءة.
وفي السياق ذاته، شدد جابر على أن الدولة لا تتبنى تبرير دين غير قانوني، لكنها مستعدة للمساهمة في رسملة المركزي ضمن إطار قانوني وشفاف.
أزمة الشفافية
تعكس هذه التصريحات أزمة الشفافية وآليات المحاسبة في النظام المالي اللبناني، خاصة في ظل الجدل الدائر حول قانون الفجوة المالية. حيث تم إدراج الدين المزعوم من قبل رياض سلامة في ميزانية مصرف لبنان، ويُعتبر نتيجة لقروض دولارية قدَّمها المصرف للدولة اللبنانية.
هذا الدين تراكم منذ عام 2007 حتى 2020 بسبب تقديم المصرف المركزي قروضًا بالدولار مقابل ودائع بالليرة اللبنانية بسعر صرف 1500 ليرة. وعند تخفيض سعر الصرف الرسمي للدولار، أصبح هذا الدين معترفًا به كموجودات للمصرف المركزي، لكنه تحول إلى “دين” على الدولة بسبب الفجوة بين الدولار والليرة اللبنانية.
جدل قانوني
يتمحور الجدل حول هذا الدين، إذ يرى سلامة أنه صحيح وقانوني بالاستناد إلى القوانين التي تُعتبر المصرف وكيلاً مالياً للدولة. في مقابل ذلك، يعتبر بعض الخبراء والسياسيين أن هذا الدين وهمي أو “جريمة محاسبية” لأنه لم يكن مدرجًا في حسابات الدولة سابقًا، مما يزيد العبء المالي على الاقتصاد اللبناني.
هناك مزاعم بأن هذا الدين لم يُصرَّح به رسميًا من قبل وزراء المالية المتعاقبين، رغم وجود مراسلات تثبت معرفتهم به. يعكس هذا الدين تعقيدات الحسابات المالية للبنان، ويُعزِّز من أعباء الدين العام في ظل فروقات أسعار الصرف وإجراءات محاسبية مثيرة للجدل بين مصرف لبنان والدولة اللبنانية.