تخوف يسود صفوف جماعة الحوثي في اليمن، إثر تهديدات إسرائيلية باستهداف زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، بالتزامن مع خسائر بشرية كبيرة في صفوف قيادات الجماعة.
نزوح القيادات الحوثية
كشفت مصادر محلية عن مغادرة قيادات حوثية بارزة للعاصمة صنعاء، في حين انقطع عدد كبير من مسؤولي الصف الثاني عن عملهم خوفاً من المراقبة والاستهداف، مؤكدين أخذهم التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد.
ومنذ الضربة التي استهدفت اجتماعاً سرياً للحكومة التابعة للحوثيين في 28 أغسطس، والتي أسفرت عن مقتل رئيس حكومتها وعدد من وزرائها، أعادت الجماعة تقييم إجراءاتها الأمنية بشكل كامل.
إجراءات أمنية مشددة
يأتي على رأس الأولويات الأمنية، تأمين عبد الملك الحوثي، الذي لم يظهر علناً منذ أكثر من عشر سنوات، ويكتفي بالظهور عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، وسط سرية مشددة تحيط بتحركاته.
وتشير مصادر إلى أن التهديد الإسرائيلي يمثل تحولاً في استراتيجية إسرائيل تجاه هجمات الحوثيين، مع استبعاد إمكانية تنفيذ التهديد بسبب غياب الحضور الاستخباراتي الفعال لإسرائيل في اليمن.
ملاذات آمنة في صعدة
منذ اندلاع التمرد الحوثي في 2004، وفرت التضاريس الجبلية الوعرة في محافظة صعدة ملاجئ حصينة لزعيم الجماعة وقادتها العسكريين، فضلاً عن مخازن الأسلحة.
مراجعة شاملة للأمن
عقب مقتل رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، شرعت أجهزة أمن الحوثيين في مراجعة شاملة للإجراءات الأمنية، شملت تغيير أماكن سكن القيادات وإلزام المسؤولين بتغيير أرقام هواتفهم، واستخدام شبكة اتصالات داخلية خاصة.
كما فرضت الجماعة قيوداً على كاميرات المراقبة المنزلية والتجارية، وأمرت بفصلها عن أي شبكات اتصالات خارجية خشية اختراقها.
تخفي وتحركات محدودة
طُلب من مسؤولي الصف الثاني تقليص وجودهم في مكاتبهم وتغيير المركبات التي يستخدمونها باستمرار، واعتماد أساليب تمويه عند التنقل.
توقفت الاجتماعات الرسمية تماماً، وحلت محلها لقاءات محدودة العدد، بينما غادر وزير الاتصالات في حكومة الحوثيين المستشفى بعد تعافيه من إصابته في الضربة.
حملة قمع واعتقالات
في سياق متصل، صعّدت الجماعة الحوثية من حملات القمع ضد المدنيين، حيث أعلنت “الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين” عن اعتقال 254 شخصاً منذ منتصف العام الحالي، معظمهم في محافظتي إب وصعدة.
وشملت الاعتقالات الأمين العام لجناح حزب “المؤتمر الشعبي” في مناطق سيطرة الحوثيين، و21 من العاملين لدى مكاتب الأمم المتحدة.
تخبط أمني حوثي
وصفت الهيئة هذه الحملة بأنها “ممارسات تعكس حالة التخبط والهستيريا الأمنية داخل الجماعة”، مؤكدة أن هدفها يتجاوز استهداف أفراد بعينهم إلى عملية ممنهجة لخنق المجال المدني والإنساني.
ونُفذت الاعتقالات بشكل رئيسي عبر “جهاز الأمن والمخابرات” الحوثي وفروعه، ما يثبت أن “الانتهاكات سياسة ممنهجة وليست أعمالاً فردية”.
تهم التخابر والعمالة
تعرض المعتقلون لحملات تشويه إعلامية رسمية، حيث وصفتهم الجماعة بـ”العملاء” و”المرتزقة” المتعاونين مع جهات أجنبية، لتبرير القمع وإضفاء الشرعية عليه أمام أتباعها.
تصدرت محافظة إب قائمة الانتهاكات الحوثية بـ97 معتقلاً مدنياً، تلتها صعدة بـ63، ثم الحديدة التي شهدت اختطافات جماعية تجاوزت 40 مدنياً.
إدانات حقوقية واسعة
تضاف هذه الأرقام إلى قوائم أخرى وثّقتها منظمات دولية لحقوق الإنسان بشأن المعتقلين من المدنيين والعاملين في المجال الإنساني.
وحذّرت الهيئة من أن استمرار هذه السياسات يقوّض عمل المنظمات الإنسانية ويعرض حياة المدنيين للخطر، ويُمثل خرقاً للقانون الدولي الإنساني والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.