تواجه شركة بناء السفن الهولندية “دامن شيبياردز” تحديات خطيرة تتمثل في أزمات مالية وقانونية، تترافق مع اتهامات بالفساد وانتهاك العقوبات. هذه الأزمات قد تؤثر سلبًا على جهود الاتحاد الأوروبي لتعزيز قدراته الدفاعية في ظل التوترات المتزايدة مع روسيا، وفقًا لتقرير صادر عن وكالة “بلومبرغ”.
استمرار الأزمات
بحسب “بلومبرغ”، في فبراير 2023، تم تدشين سفينة الدعم القتالي “Den Helder” بحضور الأميرة أماليا، وريثة العرش الهولندي، وكبار المسؤولين في شركة “دامن”. ومع ذلك، تدهورت تطلعات الشركة بعد اتهام المدعين العامين لها بالفساد وانتهاك العقوبات، ما أدى إلى تجميد أحد العملاء الرئيسيين للمدفوعات.
تخطت الأزمات المالية لدى الشركة حدود الخطر، مما دفع الحكومة الهولندية إلى التدخل من خلال حزمة دعم طارئة في يوليو. هذا الوضع أثار قلق عملاء الشركة في دول حلف شمال الأطلسي “الناتو”، في وقت يعزز فيه الاتحاد الأوروبي إنفاقه الدفاعي لمواجهة التحديات الأمنية.
عواقب قانونية متوقعة
من المقرر أن تبدأ الإجراءات القانونية ضد “دامن” بحلول نهاية العام، وقد تشمل العقوبات غرامات ومنعًا من المشاركة في المناقصات، ما قد يعرقل مسيرتها وأيضًا الصناعة الهولندية ككل. يرى الخبراء أن الإدانة ستكون لها تداعيات خطيرة على مستقبل الشركة وقدرتها على تنفيذ المشاريع الدفاعية الحيوية.
سيباستيان بينينك، أحد المحامين البارزين، أشار إلى أن إدانة “دامن” ستكون “ضربة قوية” لصناعة السفن في هولندا، نظرًا لأهمية الشركة في تعزيز القدرات العسكرية الأوروبية. تملك “دامن” 55 شركة حول العالم وتوظف حوالي 12 ألف شخص، مع إيرادات تقدر بأكثر من 3 مليارات يورو في عام 2023.
تحقيقات قانونية
في أبريل الماضي، أعلنت دائرة الادعاء الهولندية عن إعادة “دامن” إلى القضاء على خلفية قضايا رشوة وغسيل أموال بين 2006 و2017، علاوة على انتهاك العقوبات المفروضة على روسيا بعد غزو أوكرانيا العام الماضي.
تتعلق المخالفات بتوريد تكنولوجيا يمكن أن تعزز من القدرات العسكرية الروسية. وفي حال إدانة الشركة، يمكن للقضاة فرض عقوبات تصل إلى 10% من مبيعاتها السنوية، مما يعكس الجدّية في التعامل مع انتهاكات العقوبات.
أهمية الشركة في السوق
على صعيد المشاريع، تُعنى “دامن” ببناء فرقاطتين مضادتين للغواصات لصالح هولندا، وفرقاطتين للبحرية البلجيكية. كما تعمل أيضًا على فرقطات جديدة للبحرية الألمانية وتطوير حلول دفاعية بحرية متقدمة.
يشير نيك تشايلدز، باحث في الشؤون البحرية، إلى أن عدم قدرة الشركة على استكمال المشاريع قد يؤدي إلى عواقب وخيمة لأمن الدول الصديقة في وقت الحاجة.
إجراءات دعم عاجلة
مؤخراً، قام المشرعون الألمان بتجميد دفعة بقيمة 671 مليون يورو لشركة “دامن” بسبب تأخير التسليم. بينما وافق البرلمان الهولندي على تقديم دعم بقيمة 270 مليون يورو من أجل الحفاظ على استمرارية المشروع، وسط ضغوط من قبل وزارة الدفاع الألمانية.
من الجدير بالذكر أن دول حلف شمال الأطلسي قد تبنت زيادة الإنفاق الدفاعي ليصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، في محاولة لتجاوز آثار التهديدات العسكرية المتزايدة من روسيا.
على الرغم من التحديات التي تواجهها، لا تزال “دامن” قادرة على التأثير في المشهد الدفاعي الأوروبي، خاصة في ظل الاستثمارات الكبيرة من الدول الأوروبية في القطاع العسكري. بالنظر إلى المخاطر والتحديات الحالية، يبقى المستقبل غير مؤكد بالنسبة لصناعة السفن الهولندية.