سلطت القناة السابعة الإسرائيلية الضوء على محطة تاريخية شبه منسية بين مصر وإسرائيل تتمثل في إخلاء أول مستوطنة يهودية في سيناء، وهي “شلهيبت”.
ذكرى اتفاق مؤقت
في الذكرى الخمسين لتوقيع “الاتفاق المؤقت” بين إسرائيل ومصر، وهو ثاني الاتفاقيات بعد حرب أكتوبر 1973، سُلط الضوء على قلة الوعي بهذا الحدث الهام الذي وقع قبل نصف قرن. شكّل الاتفاق صدمة للرأي العام الإسرائيلي بخصوص مصير مستوطنة “شلهيبت”.
تمثل هذه الذكرى أهمية خاصة نظرًا لطبيعة الظروف السياسية والعسكرية التي كانت سائدة آنذاك. نشأت العديد من المصطلحات التي اندثرت بمرور الوقت، والتي يحتفظ بمعانيها المؤرخون، ومنها “الاتفاق المؤقت” نفسه.
السياق التاريخي
تزامن هذا الحدث مع إنجازات سياسية لوزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر، الذي أبرم اتفاقيتي فصل القوات مع مصر وسوريا بعد حرب أكتوبر. في ختام حكومة جولدا مائير، سعى كيسنجر للتفاوض على اتفاق جديد يتضمن انسحابًا إسرائيليًا من سيناء.
بدأت المفاوضات في مارس 1975، عشية عيد الفصح العبري، ولكن كانت هناك فجوة كبيرة بين الجانبين. فيما وافقت إسرائيل على انسحاب واسع، طالبت بإعلان مصري رسمي لإنهاء حالة العداء، وهو ما رفضه الجانب المصري.
مفاوضات كيسنجر
بمبادرة من كيسنجر، قرر الرئيس الأمريكي جيرالد فورد انتهاج سياسة “إعادة التقييم” في العلاقات مع إسرائيل، ما أدى إلى تجميد صفقات الأسلحة. بعد نحو خمسة أشهر، عادت المفاوضات بمرونة أكبر من الجانب الإسرائيلي، وتم التوصل إلى اتفاقية خلال أسبوعين.
تم توقيع الاتفاق في 4 سبتمبر 1975 في جنيف، من قبل ممثلين إسرائيليين ومصريين، ووقعه الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في اليوم نفسه. كان الانسحاب المهم يتضمن منطقة عازلة تحت إشراف الأمم المتحدة.
إخلاء مستوطنة شلهيبت
أدى الانسحاب من المنطقة إلى إخلاء مستوطنة “شلهيبت”، وهي الحالة الأولى لفك المستوطنات كجزء من اتفاق دبلوماسي. تأسست المستوطنة عام 1971 في جنوب غرب سيناء، لكنها أصبحت مهجورة منذ عام 1973.
تساءلت القناة السابعة، المقربة من التيار اليميني المتشدد، عن من يتذكر اليوم تلك المستوطنة. وأشارت إلى أن اليمين السياسي عارض الاتفاق بشدة، بالمظاهرات التي قادتها حركة الاستيطان الناشئة، “غوش إمونيم”.
إنجازات سياسية
بالنظر إلى الذكرى، تبرز إنجازات إسرائيل السياسية، خاصة في التفاهمات السرية مع الولايات المتحدة. في 1 سبتمبر 1975، أبرم كيسنجر اتفاقية أمنية-اقتصادية سرية مع السلطات الإسرائيلية، مما عزز الدعم الأمريكي.
تضمنت الاتفاقية تعهد الولايات المتحدة بعدم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، مما شكل محورًا أساسيًا في العلاقات المستقبلية. لكن سفك التركيز على هذه النقطة، نحو الاعتراف الذي تم لاحقًا، غير مجرى الأحداث.
التأثير على السلام
حاول اليسار لاحقًا ادعاء أن الاتفاق المؤقت مهّد لزيارة السادات إلى إسرائيل وتوقيع معاهدة السلام. ورغم صحة هذا التحليل، إلا أن القناة اعتبرت أن المفاوضات حول الاتفاق كانت بمثابة التحفيز للسادات لإدراك الحاجة لسلام شامل.
في النهاية، توصل إلى اتفاق تم بموجبه استعادة شبه جزيرة سيناء بالكامل، وهو ما جعله علامة فارقة في العلاقات العربية الإسرائيلية.