السبت 13 سبتمبر 2025
spot_img

الجيش اللبناني يحبط تهريب سفينة النفط الروسي

spot_img

في عملية بحرية جريئة، أحبط الجيش اللبناني محاولة هروب سفينة “هوك 3” المحتجزة، وذلك على خلفية تحقيقات قضائية تتعلق بشبهات حول شحنة نفط روسي وتزوير بلد المنشأ. تأتي هذه العملية بعد تفريغ السفينة لحمولتها التي تبين مطابقتها للمواصفات الفنية المطلوبة.

تفاصيل القضية النفطية

تعود جذور القضية إلى شهر أغسطس الماضي، عندما تلقت السلطات اللبنانية بلاغات بشأن السفينة الراسية في مرفأ مرسين التركي، والتي كانت تحمل وقودًا مخصصًا لتشغيل معامل الكهرباء في لبنان. أثارت هذه البلاغات شكوكًا حول الشحنة، ما دفع وزارة الطاقة اللبنانية إلى تقديم إخبار رسمي أمام القضاء للتحقيق في ثلاث شبهات رئيسية.

تمحورت الشبهات حول مطابقة الشحنة للمواصفات الفنية، والتحقق من بلد المنشأ، والتحقيق في احتمال تزوير أوراق الشحنة.

نتائج الفحوصات المخبرية

أكدت مصادر وزارة الطاقة أن عينات من الوقود خضعت لفحوصات دقيقة في ثلاثة مختبرات معتمدة دوليًا. أظهرت النتائج أن الشحنة مطابقة للمواصفات المطلوبة، ما دفع القضاء اللبناني إلى إصدار إذن بتفريغ الحمولة في معملي الذوق والجية.

رغم ذلك، قرر القضاء الإبقاء على السفينة محجوزة لدى الجمارك اللبنانية، بناءً على إشارة من النائب العام التمييزي، وذلك لاستكمال التحقيقات في الملفين الآخرين المتعلقين ببلد المنشأ وتزوير الأوراق.

عملية عسكرية نوعية

أعلنت قيادة الجيش اللبناني عن تفاصيل عملية إحباط هروب السفينة. فبعد ورود معلومات إلى غرفة العمليات البحرية المشتركة، باشرت دورية من القوات البحرية بمطاردة السفينة “هوك 3” أثناء محاولتها مغادرة المياه الإقليمية اللبنانية بطريقة غير قانونية.

ونتيجة لعدم امتثال طاقم السفينة للأوامر، أطلق عناصر الجيش طلقات تحذيرية في الهواء، ونفذت وحدة من فوج مغاوير البحر عملية إنزال نوعية على متن السفينة بمشاركة القوات الجوية.

توقيف الطاقم والتحقيق

تمكنت القوات اللبنانية من توقيف 22 شخصًا كانوا على متن السفينة، على بعد حوالي 30 ميلاً بحريًا من الشاطئ اللبناني، قبل أن تعيد السفينة إلى مرفأ ضبية. وأشار بيان الجيش إلى إصابة ثلاثة عسكريين أثناء العملية، نتيجة محاولة ربان السفينة المناورة بها لمنع صعود العناصر على متنها.

يجري حاليًا التحقيق مع الموقوفين، وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن السفينة تحت إشراف القضاء المختص.

ترحيب وزاري بالعملية

أشاد وزير الطاقة والمياه جو الصدي بجهود الجيش اللبناني في إحباط محاولة هروب السفينة. وأكد في بيان على أهمية هذه العملية في الحفاظ على سيادة القانون. وأشار إلى أن الوزارة ما زالت تنتظر إشارة من القضاء لاتخاذ الإجراءات المناسبة فيما يتعلق بالعلاقة التعاقدية مع الشركة الموردة.

تأتي هذه الإجراءات في إطار حرص الوزارة على الالتزام بالشروط والضوابط المتعلقة باستيراد النفط.

مسار التحقيقات القضائية

كشف مصدر قضائي مشرف على التحقيقات أن التحقيق الأولي أظهر أن السفينة كانت محملة بشحنة نفط من روسيا. توقفت السفينة في مرسين بتركيا لفترة طويلة، حيث قامت الشركة بتغيير أوراقها لتظهر أن التحميل تم من تركيا.

وأكد الخبير البحري المحلف، الذي كلفه القضاء اللبناني، أن أوراق الشحنة تم تغييرها، وأن الشحنة حُملت في روسيا وليس في مرسين، ما دفع القضاء إلى إصدار أمر بتوقيف السفينة وطاقمها.

تهم التزوير والتهرب

يشمل التحقيق شقين رئيسيين: الأول يتعلق بالتزوير في قيود منشأ الحمولة، والثاني يتعلق بمحاولة هروب السفينة وقبطانها. وقد تم توقيف القبطان بإشارة من مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار.

ويُنظر إلى تغيير أوراق السفينة على أنه محاولة للالتفاف على القيود المفروضة على صادرات النفط الروسي، والتي تخضع لسقف الأسعار الذي فرضه الغرب على خلفية الحرب الأوكرانية.

الإجراءات القانونية والمالية

تؤكد مصادر وزارة الطاقة أن جميع الإجراءات قانونية، باستثناء الشبهات المتعلقة بتزوير شهادة المنشأ، والتي تخضع للتحقيق القضائي. وأشارت إلى أن الوزارة ستتخذ الإجراءات اللازمة وفقًا للعقد مع الشركة الموردة، بما في ذلك الضمانات المالية.

وسيترتب على الشركة دفع غرامات في حال ثبوت أي إخلال بدفتر الشروط والعقد، والذي يتضمن بندًا يلزم الشركة بالالتزام بالقرارات والإجراءات الدولية المتعلقة باستيراد النفط.

أبعاد سياسية للقضية

لا تخلو هذه القضية من أبعاد سياسية، حيث تتهم مصادر مقربة من القوات اللبنانية ناشطين مقربين من التيار الوطني الحر بمحاولة تسييس الملف، خاصة وأن وزير الطاقة محسوب على القوات.

في المقابل، تشير مصادر وزارة الطاقة إلى أن هذه الشحنة تأتي ضمن اتفاقية تبادل النفط الخام العراقي بالنفط اللازم لتشغيل محطات الوقود في لبنان، عبر شركة ثالثة. وتؤكد المصادر أن هذا الترتيب موروث من عهد وزير الطاقة السابق وليد فياض، وأن مؤسسة كهرباء لبنان تلقت في عام 2023 عددًا من الشحنات روسية المنشأ.

اقرأ أيضا

اخترنا لك