وكالة الأنباء السورية (سانا) تطلق نسختها الكردية، في خطوة تاريخية نحو التعددية اللغوية، وذلك ضمن إطلاقها بهوية جديدة تسعى للانفصال عن حقبة النظام السابق. هذه الخطوة تمثل إضافة اللغة الكردية إلى جانب اللغات الرئيسية المعتمدة في الوكالة، بعد عقود من القيود على استخدام اللغات السورية غير العربية في الإعلام الرسمي.
هوية جديدة لسانا
أعلنت الوكالة عن إطلاق نسخها الجديدة باللغات العربية والإنجليزية والتركية والإسبانية والفرنسية، في تحول ملحوظ يهدف إلى مخاطبة كافة المكونات السورية بلغاتهم الأم، وإيصال الخطاب الرسمي إلى أوسع شريحة ممكنة داخل سوريا وخارجها.
إطلاق النسخة الكردية يعكس اعترافًا رسميًا بالتنوع اللغوي والثقافي في سوريا، ويمثل محاولة لفتح صفحة جديدة مع المكون الكردي بعد سنوات من التهميش. تحمل هذه الخطوة بعدًا خارجيًا، حيث تهدف إلى مخاطبة الأكراد في الشتات، وإيصال صورة جديدة عن سوريا كدولة تحتضن التنوع.
تجاوز الماضي
وزير الإعلام حمزة المصطفى أكد أن “سانا” تسعى لتجاوز الصورة النمطية التي ارتبطت بها كأداة دعائية للنظام السابق، وأنها ستعود لتقديم خدمة إخبارية وطنية شاملة، تهدف إلى نقل الحدث بمهنية ومصداقية، وأن تكون مرآة للمجتمع ومصدرًا للمعلومة الموثوقة عن سوريا.
المدير العام للوكالة زياد المحاميد، أوضح أن “سانا” ورثت مؤسسة تعتمد على الإملاء لا على البحث الميداني، وبنية تحتية متداعية. ومع الانطلاقة الجديدة، تعتمد الوكالة سياسات تحريرية خاصة بكل جمهور.
آراء متباينة
تباينت آراء الصحافيين الأكراد حول إضافة اللغة الكردية إلى البث، فبينما يرى البعض فيها خطوة متقدمة نحو الاعتراف الرسمي بالشعب الكردي، يعتبرها آخرون محاولة لكسب الرأي العام وتهدئة الشارع الكردي.
قيود سابقة
فرض النظام السابق لعقود طويلة استخدام اللغة العربية فقط، ومنع وسائل الإعلام من نشر أي محتوى بلغات المكونات السورية الأخرى، كالآشورية والسريانية والآرامية، التي لا تزال تستخدم في الحياة اليومية في مناطق مختلفة.
ومع إصرار الأكراد السوريين على المطالبة بتعليم لغتهم، منع النظام حتى الإشارة إلى وجود هذه اللغة، كما منع إظهار الاحتفالات والموسيقى والأغاني الكردية، معتبرًا ذلك مرتبطًا بمطالب انفصالية.
مفاوضات دمج
تأتي إضافة اللغة الكردية في وقت تنخرط فيه السلطة في دمشق بمفاوضات مع “قوات سوريا الديمقراطية (قسد)” لتنفيذ اتفاق يقضي بدمج المؤسسات في مناطق شرق وشمال شرقي سوريا مع مؤسسات الدولة السورية.
ورش عمل وتدريب
الوكالة أقامت ورشات تدريبية لكوادرها، وتم تحويل قاعة الفرقة الحزبية السابقة إلى فضاء تدريب يخرج جيلًا جديدًا من الصحافيين بالشراكة مع مؤسسات محلية ودولية.
يأتي إطلاق وكالة “سانا” بحلتها الجديدة في سياق عملية إعادة هيكلة للإعلام الرسمي في سوريا، وعنونت “سانا” انطلاقتها بـ”نقطة تحول”، في مسعى للقطع مع طريقتها في التعاطي مع الأخبار والرأي العام.