قررت من جانبي ـمن أجل مصلحة أبنائي طلاب الثانوية العامة وأولياء الأمور وزملاء التخصص في مختلف المواقع الإخباريةـ أن أقوم بكشف سر غموض وجود أماكن لطلاب المرحلة الثالثة، وخاصة طلاب الدور الثاني من الثانوية العامة القديمة الباقين للإعادة في كليات القمة، وفي مقدمتها كليات الطب، والصيدلة، والعلاج الطبيعي، والهندسة، وكذلك الحاسبات. وحتى لا يفهمه البعض بأنه ضد مبدأ تكافؤ الفرص، وأن أصحاب المجاميع الضعيفة في الدور الثاني من طلاب الثانوية القديمة سيكون لهم أماكن في المرحلة الثالثة والأخيرة للتنسيق بكليات القمة وغيرها بالمطلق، وذلك بعد البيان الخاطئ في صياغته الذي صدر من مكتب تنسيق القبول بالجامعات منذ عدة أيام، والذي تسبب ـ لعدم وجود توضيح منطقي لذلك ـ في إرباك المشهد في مجال تنسيق القبول بالجامعات، عندما أشار لأول مرة في تاريخ مكتب التنسيق أن:
“هناك أماكن ما زالت شاغرة لطلاب المرحلة الثالثة من طلاب الثانوية العامة القديمة، أي الباقون للإعادة من العام الماضي، في كثير من الكليات، في مقدمتها ما يسمى كليات القمة”.
وذكر أن هناك أماكن ما زالت شاغرة لهم في: 15 كلية طب بشري، و9 كليات طب أسنان، و3 كليات علاج طبيعي، و6 كليات صيدلة، و27 كلية حاسبات وذكاء اصطناعي، و12 كلية طب بيطري، بالإضافة إلى كليات العلوم، والآداب، والإعلام، وبقية عشرات الكليات والمعاهد الأخرى.
وبدأت تساؤلات كثيرة، سواء من الطلاب أو الإعلاميين بالمواقع الإخبارية التي نشرت عناوين ساخنة بالصفحات الأولى تقول: مفاجأة لأول مرة في مكتب التنسيق ـ أماكن شاغرة بجميع كليات الطب والهندسة والحاسبات لطلاب الثانوية العامة “نظام قديم” بالمرحلة الثالثة.
كما بدأت الفضائيات تتواصل معنا لتفسير هذه المفاجأة ولماذا حدثت. وأوضحت للجميع أن هذا خطأ في صياغة بيان مكتب التنسيق لم يحدث طوال السنوات الماضية، بسبب استبعاد كبار خبراء التنسيق من المشهد هذا العام، وتولي المسئولية قيادة غير ملمة بقواعد التنسيق على الإطلاق. ولهذا لم تستطع توضيح التفسير الحقيقي، وهو أن هناك أماكن ما زالت شاغرة أمام طلاب الدور الثاني من الثانوية العامة من طلاب الثانوية القديمة الباقين للإعادة في المرحلة الثالثة.
والواقع أن الوضع الطبيعي، كما كان يحدث طوال السنوات الماضية، أن طلاب الدور الثاني الراسبين في مادة واحدة أو مادتين، سواء من طلاب الثانوية العامة، إذا نجح منهم أي طالب في الدور الثاني ـ حتى لو كان طالبًا واحدًا ـ وكان إجمالي مجموعه يؤهله للالتحاق بأي من كليات القمة التي سبق وأن تم إعلان الحد الأدنى للقبول بها سواء في المرحلة الأولى أو الثانية، فسوف يتم توزيعه على الكلية التي تتفق ومجموعه، ولن يفقد فرصة الالتحاق بأي من هذه الكليات حتى ولو كانت كليات المجموعة الطبية. وهذا ما كان يتم صياغته في بيان مكتب التنسيق طوال السنوات الماضية التي كان فيها سيد عطا مسئولًا عن مكتب التنسيق.
لكن ما حدث هذا العام، أنه يوجد لأول مرة شهادتان للثانوية العامة:
- الثانوية العامة الحديثة المطورة هذا العام، وهم يمثلون الجزء الأكبر من الطلاب، وبلغ عدد المتقدمين لامتحاناتها هذا العام 785 ألف طالب وطالبة، نجح منهم 575 ألفًا، ومجموعهم في الثانوية العامة 320 درجة، وامتحنوا في خمس مواد فقط.
- الثانوية العامة القديمة (الباقون للإعادة)، وكان عددهم حوالي 45 ألف طالب وطالبة، نجح منهم 32 ألفًا، ومجموع درجاتهم 420 درجة، ويمتحنون في سبع مواد أساسية.
وبدأ أول أمس السبت ما يقرب من 145 ألفًا من طلاب الثانوية الحديثة امتحانات الدور الثاني للراسبين منهم في مادة أو مادتين، ومعهم طلاب الثانوية العامة القديمة الباقون للإعادة في مادة أو مادتين، وعددهم 12 ألف طالب وطالبة. لكن سيكون النجاح بمجموع 50% من إجمالي درجات المادة لكلا الشهادتين، ومن ينجح منهم سواء من طلاب الثانوية العامة الحديثة أو القديمة ويكون مجموعه النهائي يحقق له القبول في أي كلية من كليات المرحلة الأولى أو الثانية، فلن يضيع حقه، وسيلتحق بها مادام الحد الأدنى للقبول بهذه الكلية مساويًا أو أقل من إجمالي المجموع الذي حصل عليه في النهاية بعد نجاحه في الدور الثاني.
لكن عندما نأتي لطلاب الثانوية العامة القديمة، كان المجلس الأعلى للجامعات قد قرر قبل بداية مكتب تنسيق القبول بالجامعات أنه سيتم توزيعهم بعد تحديد نسبتهم مقارنة بعدد طلاب الثانوية الحديثة، على الكليات على أساس احتساب متوسط الحد الأدنى لكل قطاع طوال السنوات الثلاث الماضية، حتى يتم تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص، وحتى لا يظلموا عند توزيعهم بنفس نسبة الحد الأدنى للثانوية العامة الحديثة، خاصة وأن مجموع كل شهادة يختلف عن الأخرى. ولا يحصلوا على ميزة افتراضية لو حدث وانخفض الحد الأدنى للقبول بالكليات هذا العام عن العام الماضي، فيلتحقوا بكليات كان حدها الأعلى في العام الماضي لزملائهم أقل من الحد الأدنى الافتراضي هذا العام إذا حدث. ومن هنا تم وضع متوسط للحد الأدنى لجميع الكليات، وفي مقدمتها قطاع ما يسمى بكليات القمة، ناتج عن متوسط الحد الأدنى الذي قبله كل قطاع طوال السنوات الثلاث الماضية.
فقد يكون مثلًا في كليات الطب، كان الحد الأدنى للقبول بكليات هذا القطاع طوال السنوات الثلاث الماضية 94% و92% و91%، وبذلك يكون الحد الأدنى للقبول بهذا القطاع بمتوسط هذه السنوات الثلاث أي ما يزيد قليلًا عن 92%. وإذا افترضنا أن إجمالي عدد الناجحين في الثانوية القديمة يمثلون 10% أو 7% مثلًا من إجمالي عدد طلاب الثانوية الحديثة، فقد بدأ توزيع طلاب الثانوية القديمة طوال المرحلتين الأولى والثانية من التنسيق على أساس هذه النسبة وبمتوسط السنوات الثلاث الماضية.
إلا أنه عند التطبيق تم شغل هذه النسبة بعدد من كليات القمة، وتبقت أماكن شاغرة في عدد آخر من بقية كليات القمة وغيرها. وقد تكون هذه الأماكن الشاغرة المتبقية لا تزيد عن مكان واحد فقط في هذه الكليات التي لم تستوف هذه النسبة، أو مكانين بحد أقصى. وبذلك يكون من حق كل من سيحصل من الطلاب الباقين للإعادة في الثانوية العامة القديمة بعد نجاحه في الدور الثاني، سواء في مادة أو مادتين كان قد رسب فيهما، أن يلتحق بالكلية التي يحقق الحد الأدنى للقبول بها، إذا لم تُستوفَ المقاعد. وقد لا تزيد كل هذه الأماكن بجميع كليات القمة في مجموعها عن خمس أو ست أماكن. لكن لن يضيع حقه إذا كان مجموعه يؤهله فعلًا للقبول بهذه الكلية، في ظل النسبة المحددة لهذه الشهادة ومتوسط الحد الأدنى لكليات القطاع.
أما طلاب الدور الثاني من طلاب الثانوية الحديثة فسوف يتمتعون بنفس هذه الميزات إذا حققوا بعد نجاحهم في الدور الثاني الدرجات التي تؤهلهم للالتحاق بأي من كليات المرحلتين الأولى أو الثانية، لكن بشرط أن يكون مجموع الطلاب هو نفس الحد الأدنى للقبول بهذه الكليات أو أعلى منه هذا العام. وذلك لن يكون بالنسبة لطلاب الثانوية الحديثة مثلما سيحدث مع طلاب الثانوية القديمة الذين سيتم توزيعهم على أساس متوسط الحد الأدنى للقبول بكل قطاع طوال السنوات الثلاث الماضية.
هذا هو السر في أن تكون هناك أماكن شاغرة بمختلف الكليات، وفي مقدمتها كليات القمة، لطلاب الثانوية القديمة بشكل مختلف عن طلاب الدور الثاني من طلاب الثانوية الحديثة. وهو ما لم يستطع القائمون الجدد على التنسيق هذا العام تفسيره للطلاب وأولياء الأمور، وللرأي العام، وللزملاء الصحفيين. فظهر وكأن ما حدث كان مفاجأة غير منطقية، وهو ما تسبب أيضًا في هذا المشهد المرتبك، بسبب بيان مكتب التنسيق الذي أوحى بأن هناك أماكن لطلاب الدور الثاني بكليات القمة بمجموعهم الضعيف، وفهم كل من قرأه أن هناك أماكن ما زالت شاغرة لطلاب المرحلة الثالثة من طلاب الثانوية القديمة بمجاميعهم الضعيفة بشكل استثنائي في جميع كليات القمة، وفي مقدمتها كليات المجموعة الطبية، وكأن ما حدث يضرب مبدأ تكافؤ الفرص في مقتل. وهذا غير صحيح. والغريب أنه لم يصدر بيان توضيحي من مكتب التنسيق يوضح ذلك كما شرحته الآن.