بدأت حكاية قضايا الخلع بمصر في التاسع والعشرين من يناير عام 2000، بعدما نشرت جريدة الوقائع المصرية ــ الجريدة الرسمية ــ نص القانون رقم (1) لسنة 2000، والمعروف بـ”قانون الخلع” الذي بدأ العمل به منذ الأول من مارس في العام نفسه.
المادة رقم 20 من هذا القانون أعطت للزوجة حق طلب الطلاق خلعاً، ويقع به طلاق بائن، ويكون الحكم غير قابل للطعن، وتتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية، وترد إلى الزوج قيمة الصداق.
أول قضية خلع في مصر
وبعد 11 يوماً من بدء سريان القانون، رفعت سيدة تدعى وفاء مسعد جبر أول دعوى خلع في مصر، وقد نظرتها محكمة طنطا للأحوال الشخصية، ولكن الدعوى انتهت بالصلح، وعادت الزوجة إلى زوجها.
وفي الأول من سبتمبر العام 2000، أي بعد مرور 6 أشهر من بدء سريان القانون، أصدرت محكمة القاهرة الابتدائية أول حكم خلع لصالح سيدة تدعى عزيزة بهاء الدين، لتكون أول مصرية تخلع زوجها طبقاً لإجراءات القانون الجديد، وذلك بعد زواج دام لمدة 14 عاماً.
قانون الخلع بالأرقام
وبعد مرور عامين على صدور القانون، بلغت دعاوى قضايا الخلع نحو 10 آلاف دعوى في 6 محافظات مصرية.
ومنذ العام 2008، بدأ الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء في إدراج الخلع كأحد أسباب الطلاق في مصر، حيث جاء الخلع خلال هذا العام في مقدمة أسباب الطلاق بنسبة 48.5%، وفي العام 2010، بلغت النسبة 66%، وارتفعت إلى 67% في العام 2012، وبلغت 75% في العام 2014، وارتفعت إلى 76.9% في العام 2017، ووصلت إلى 83.5% في العام 2018.
وطبقاً لإحصائيات محاكم الأحوال الشخصية، وصلت حالات الخلع في العام 2018 إلى 250 ألف حالة، بزيادة قدرها60 % عن العام 2017 الذي بلغت فيه حالات الخلع 155 ألفا.
أغرب قضايا الخلع
وطوال الـ24 عاماً الماضية، ارتبط قانون الخلع بالعشرات والمئات من أغرب القضايا وطرائف الدعاوى، من بين أغرب قضايا الخلع: الثلاث دعاوى اللاتي أقامتها ثلاث شقيقات في وقت واحد أمام محكمة الإسكندرية، وطالبن فيها بالخلع من أزواجهن الأشقاء، وقد قضت المحكمة بتطليقهن خلعاً في جلسة واحدة، ومنها أيضاً المرأة الصعيدية التي رفعت دعوى خلع ضد زوجها لأنه غير رومانسي، والإسكندرانية التي خلعت زوجها لأنه يربي كلباً في منزل الزوجية.
طرائف وغرائب
ولم تتوقف طرائف وغرائب الخلع عند هذا الحد، فهناك المهندسة التي خلعت زوجها لأنه لا يجيد الأكل بـ”الشوكة والسكينة”، وسيدة أخرى خلعت زوجها بسبب “شخيره” في أثناء النوم، وأخرى طلبت الخلع لأن زوجها لا يغسل أسنانه، وأخرى رفعت قضية الخلع بعدما رفض زوجها إحضار خادمة لها.
ومن غرائب وطرائف دعاوى قضايا الخلع التي نظرتها المحاكم المصرية طوال العشرين عاماً الماضية، تلك الدعوى التي رفعتها زوجة يجبرها زوجها على التشبه بالفنانة اللبنانية هيفاء وهبي، أو الفنانة الأميركية كيم كاردشيان، وقد حكمت لها المحكمة بالخلع، أيضاً السيدة التي أقامت دعوى خلع بعد 4 أشهر فقط من الزواج بعدما اكتشفت أن “الرنجة” هي وجبة زوجها المفضلة.
وهناك سيدة أخرى رفعت دعوى خلع ضد زوجها بعدما عمل لها “بلوك” على صفحته فى الفيس بوك، وسيدة ثانية أرادت خلع زوجها بعدما رفض أن يتحدث معها باللغة الإنجليزية، وسيدة ثالثة طلبت خلع زوجها الذي رفض ارتداء باروكة أو زرع شعر بعدما أصبح أصلع.
الخلع في الإسلام
وأوضحت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن قانون الخلع يستند إلى أساس شرعي يتمثل في قول الله تعالى:” فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به”، ولكن الإسلام شرع الخلع ليكون طريقاً مشروعاً أمام الزوجة عندما يستحكم الشقاق ويستحيل الوفاق مع زوجها لكره شديد تكنه في نفسها تجاه الزوج أو لعيب في خلقه أو خلقته، ولشيء جلل في نفسها ولا تريد أن تبديه.
متى يكون الخلع حرامًا؟
وأكدت أن الخلع من غير ضرورة تقتضيه محرم شرعاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة “، وكذلك قوله: “المختلعات هن المنافقات”، وهذا يدل على تحريم المخالعة بغير ضرورة.
ودعت كل زوجة إلى ضرورة تجنب الحرمة التي تقع عليها إن طلبت الخلع لأسباب واهية، ودون أن تستنفذ كل الطرق للإبقاء على حياتها الزوجية وإصلاحها لحماية مستقبل أبنائها.
معايير محددة للخلع
أما الدكتور عبدالله النجار، أستاذ القانون والشريعة بجامعة الأزهر، فأكد أن القانون وضع معايير محددة للخلع، ولم يتركه لأتفه الأسباب وصغائر الأمور، فيجب أن تكون الزوجة لا تستطيع العيش مع زوجها لسوء خلقه، الأمر الذى لا يجعلها تستطيع القيام بواجباتها الزوجية.
وأشار إلى أن المحكمة لا تحكم إلا بعد إعطاء فرصة للزوجين للتأكد من استحالة العشرة بينهما بانتداب حكمين للإصلاح في مدة لا تقل عن 3 أشهر، وإذا تأكدت المحكمة من وجود سبب يستحيل معه العشرة بين الزوجين، وفشل الحكمين، فإنها تحكم بالخلع، على أن ترد الزوجة إلى زوجها المهر وكل ما دفعه لها، وتتخلى عن حقوقها الشرعية بعد الطلاق كالمؤخر والنفقة.
وأوضح النجار أن الزوجة في الخلع لا تتنازل عن الحقوق التي تخص أولادها، فإذا كانوا في سن الحضانة تحتفظ بالحضانة معها، ولا تتنازل عن نفقة أولادها أو الاقامة في شقة الزوجية بصفتها حاضنة حتى تنتهى مدة الحضانة.