متحدث أممي يتهم طالبان بتحويل القضاء إلى أداة قمع، ويصنف انتهاكاتها ضد النساء والفتيات في أفغانستان على أنها “جرائم ضد الإنسانية”، وذلك وفقًا لتقرير رسمي قدمه ريتشارد بينيت، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في أفغانستان، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.
قيود طالبان على حقوق المرأة
كشف التقرير الأممي الصادر الأربعاء عن تعليق حركة طالبان العمل بدستور 2004، والقوانين التي كانت تحمي حقوق النساء والفتيات، وذلك عقب استيلائها على السلطة في عام 2021.
شمل التعليق قانونًا تاريخيًا كان يجرم 22 شكلاً من أشكال العنف ضد المرأة، بما في ذلك الاغتصاب وزواج القاصرات والزواج القسري، ما يمثل تراجعًا خطيرًا في حماية حقوق المرأة.
تطهير القضاة واستبدالهم
أشار بينيت إلى أن طالبان طردت جميع القضاة، بمن فيهم 270 قاضية، واستبدلتهم برجال يفتقرون إلى المؤهلات القانونية، ويصدرون أحكامًا بناءً على فتاوى الحركة المتطرفة.
فرضت الحركة سيطرة كاملة على أجهزة إنفاذ القانون والهيئات التحقيقية، ونفذت ما وصفه بـ “تطهير ممنهج” للأفغان الذين عملوا لدى الحكومة السابقة.
منهجية إعداد التقرير
اعتمد التقرير على مقابلات فردية ومجموعات نقاشية مع أكثر من 110 أفغان داخل أفغانستان وخارجها، حيث ركز بينيت على مسألة الوصول إلى العدالة وحماية النساء والفتيات.
أجريت جميع المقابلات عن بعد بسبب رفض طالبان منحه تأشيرة دخول إلى البلاد، ما يعكس صعوبة الوصول إلى المعلومات على أرض الواقع.
إدانات دولية واسعة
منذ سيطرة طالبان على البلاد، توالت التقارير الدولية التي تدين قمعها للنساء والفتيات، وقد قوبلت تلك السياسات بإدانة واسعة على مستوى العالم.
تمنع طالبان تعليم الفتيات بعد الصف السادس، وتحظر على النساء العمل في معظم المجالات، وتمنعهن من دخول الأماكن العامة.
قيود غير مسبوقة
فرضت الحركة قوانين جديدة تمنع ظهور النساء دون حجاب خارج المنزل، وتحظر أصواتهن في الفضاء العام، ما يزيد من عزلتهن وتهميشهن في المجتمع.
بسبب هذه القيود، لا تزال طالبان معزولة عن الغرب، ولم تعترف بها سوى روسيا فقط، ما يعكس حالة من عدم الاعتراف الدولي بشرعية حكمها.
غياب الرد من طالبان
أكد بينيت أن طالبان لم ترد على نسخة مسبقة من تقريره، ولم تقدم أي معلومات عن جهودها لضمان العدالة وحماية النساء والفتيات.
تزعم طالبان أنها تطبق الشريعة، لكن بينيت أشار إلى أن تفسيرها للشريعة غير مسبوق في الدول ذات الأغلبية المسلمة، ولا يلتزم بالتعاليم الإسلامية.
غياب شبه كامل للحقوق
أشار بينيت إلى الغياب شبه الكامل لحقوق النساء في ظل حكم طالبان، حيث لا توجد قاضيات أو مدعيات عامات، ولا محاميات مسجلات رسميًا.
هذا الوضع يترك النساء والفتيات دون قنوات آمنة للإبلاغ عن الانتهاكات أو طلب الإنصاف، ما يزيد من معاناتهن وتهميشهن.
تدهور الوصول إلى العدالة
أوضح بينيت أن الوصول إلى العدالة بالنسبة للفتيات تعرض لضربة إضافية بسبب تفكيك مؤسسات قانونية أساسية كانت تحمي حقوق الأطفال، مثل محاكم الأحداث ومراكز إعادة التأهيل.
يشكل اشتراط طالبان مرافقة المرأة لقريب ذكر لتقديم الشكاوى أو حضور الجلسات القضائية عائقًا إضافيًا، خاصة بالنسبة للأرامل والنساء المعيلات لأسرهن.
بيئة معادية للنساء
قال بينيت إن النساء اللاتي يلجأن إلى نظام المحاكم التابع لطالبان يواجهن بيئة معادية، سواء كن ضحايا يبحثن عن الإنصاف، أو في قضايا أسرية.
غالبًا ما ترفض المحاكم شكاوى النساء، وتتحفظ بشكل خاص في قبول القضايا المتعلقة بالطلاق، أو حضانة الأطفال، أو العنف القائم على النوع.
بدائل غير رسمية للعدالة
في مواجهة هذه العقبات، تلجأ النساء بشكل متزايد إلى آليات العدالة التقليدية وغير الرسمية، مثل الجيرغات والشورى، أو وساطة رجال الدين.
لكن هذه الجهات يسيطر عليها الرجال، ما يثير مخاوف جدية بشأن حقوق النساء والفتيات، حيث تفتقر هذه الآليات إلى الضمانات القانونية اللازمة.
الأمل في المحافل الدولية
يرى بينيت أن المنتديات الدولية تمثل الأمل الأكبر لتحقيق العدالة، مشيرًا إلى طلب المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق اثنين من كبار قادة طالبان.
دعا جميع الدول إلى دعم الجهود الرامية إلى إحالة أفغانستان أمام محكمة العدل الدولية، لانتهاكها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.