أعلن الدكتور نظير محمد عياد، مفتى مصر ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء، أن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الأهلية اللازمة لإصدار الأحكام الشرعية أو تقديم الفتاوى النهائية.
وثيقة القاهرة حول الذكاء الاصطناعي
خلال حوار مع صحيفة “الشروق” المصرية، أكد عياد إطلاق “وثيقة القاهرة حول الذكاء الاصطناعي والإفتاء” كمرجعية عالمية تهدف إلى تنظيم استخدام التقنية في المجال الديني. وأوضح أن الفتوى لا يمكن أن تُختصر إلى مجرد مخرجات رقمية تعتمد على قواعد بيانات.
وأشار إلى أن الوثيقة تعترف بالذكاء الاصطناعي كتهديد مباشر للعقيدة والدين، خاصة مع زيادة قدرته على إنتاج محتوى مضلل يُنسب زوريًا إلى علماء ومؤسسات معروفة.
هدف الوثيقة والمعايير العالمية
وأكد عياد أن “وثيقة القاهرة للفتوى الرشيدة” ليست مجرد إعلان ختامي، بل ترمي إلى أن تكون مرجعية معيارية لضبط الأداء الإفتائي عالميًا بما يتوافق مع قواعد العلم والضمير.
ولفت النظر إلى أن الوثيقة جاءت نتيجة نقاشات موسعة بين علماء الشريعة وصناع السياسات الدينية، مع ضرورة استيعاب التحديات المعاصرة في الفتوى الرقمية.
المؤتمر الدولي للإفتاء
وأوضح عياد أن المؤتمر الدولي العاشر للإفتاء، الذي عُقد في 12 و13 أغسطس تحت عنوان “صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي”، يمثل تحولًا نوعيًا في طريقة التعامل مع التحولات التقنية.
يسعى المؤتمر لصياغة نموذج عالمي للمفتي قادر على الجمع بين المعرفة الشرعية والوعي التقني والإنساني.
إعادة تعريف الرشد الإفتائي
وشدد على ضرورة إعادة بلورة دور المفتي في ظل التحولات الراهنة. الغرض من المؤتمر هو إعادة تعريف “الرشد الإفتائي” كنمط يتجاوز الحفظ والمعرفة النصية ليشمل الوعي الشرعي والواقعي والتقني.
كما يسعى المؤتمر إلى بلورة نموذج يجمع بين التأصيل الشرعي والقدرة على مواجهة التحديات الرقمية التي تطرأ على الفتوى.
تأهيل المفتي في العصر الرقمي
وأشار عياد إلى أهمية اعتماد المؤسسات الإفتائية منهجيات تأهيل متكاملة، تشمل فهم الفقه المعاصر بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة.
ويعتبر دمج التكنولوجيا عاملاً مساعدًا، لكنه لا يمكن أن يحل محل المرجعية العلمية، إذ يجب استخدامه لتقديم نماذج تدريبية تتناسب مع بيئة الفتوى الرقمية.
الحدود الشرعية للذكاء الاصطناعي
أكد أنه لا يمكن استبدال الفتوى الآلية بالفتوى البشرية، إذ تتطلب الفتوى فهماً عميقًا للنصوص الشرعية وتأملاً في الواقع. هذه الجوانب تمثل أمورًا يعجز الذكاء الاصطناعي عن تحقيقها بشكل شامل.
وبين أن هناك حدودًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الإفتائي، حيث يمكن استخدامه كمساعد في جمع المعلومات وتنظيم الفتاوى، لكنه لا يمكن أن يُفتي.
دليل إرشادي عالمي
كشفت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء عن استعدادها لإصدار دليل إرشادي عالمي تحت عنوان “المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي”، يتضمن المعايير الشرعية والمهارات الرقمية والأخلاقية المطلوبة.