ترشيحات عمداء المعاهد معظمها تحايل وتزوير وبيانات غير حقيقية!!
اختلفت أو اتفقت مع د. أيمن عاشور في بعض المواقف، إلا أن الأمانة تقتضي مني أن أكون دائمًا أمينًا معه، أقدم له المعلومة الدقيقة والنصيحة الغالية، مستعينًا بخبرتي في هذا القطاع الذي تخصصت فيه على مدى الخمسين عامًا الماضية وحتى الآن، وذلك نظرًا لثقتي الكبيرة في سلامة النية التي يتمتع بها دائمًا د. أيمن عاشور، وهو ما جعلني داعمًا له بصفة مستمرة منذ أن تعارفنا، وبشهادته هو شخصيًا.
وأؤكد أنه لا يوجد هناك أي خلاف شخصي بيني وبين أحد، لكن المصلحة العامة تقتضي مني أن أكشف عن أي خطأ بهدف الإصلاح والمصلحة العامة في المقام الأول.
أقول هذا قبل أن أكشف لوزير التعليم العالي المستور في عدم صحة التقرير الذي قدمه له القائم بعمل رئيس قطاع التعليم، والقائم بعمل أمين مجلس شؤون المعاهد حاليًا، في اجتماع المجلس أول أمس في المعهد الكندي بالقاهرة، والذي تناول فيه نتائج تجربة اختيار عمداء المعاهد.
وهي الفكرة التي سوّقها له في البداية القائم بعمل أمين مجلس شؤون المعاهد حاليًا، قبل أن يتولى هو هذا المنصب، وأقنع بها الوزير وقتها بضرورة أن يقوم كل معهد بترشيح ثلاثة من الأساتذة لكي يتم اختيار عميد المعهد من بينهم، مبررًا ذلك بأن هذا سيكون هو التطوير بعينه لمعظم المعاهد في مصر.
مع أن أكثر من 95% من هذه المعاهد لا يوجد بها أستاذ واحد على قوتها، كما أن معظم هذه المعاهد أيضًا لا يوجد بها درجة أستاذ مساعد، وهذا يعني ضرورة أن تبحث هذه المعاهد عن هؤلاء الأساتذة في الجامعات الحكومية، وقد يندر العثور على هذا العدد نظرًا لندرة التخصص ذاته.
كما أن قانون شؤون المعاهد نفسه لا ينص على ذلك، بل ينص على أن تقوم الجمعية المالكة للمعهد بترشيح أحد الأساتذة للوزارة، فإذا انطبقت عليه الشروط والقواعد يتم إصدار القرار الوزاري بتعيينه، فإذا لم تنطبق عليه الشروط يتم مخاطبة الجمعية المالكة للمعهد مرة أخرى لترشيح أستاذ آخر، فإذا انطبقت عليه الشروط يتم تعيينه، وإذا لم تنطبق عليه الشروط، يكون من حق وزير التعليم العالي تعيين من يراه عميدًا لهذا المعهد.
ومن هنا أصبح مقترح ترشيح ثلاثة أساتذة من جانب كل معهد مخالفًا للقانون الذي سوّق له القائم بعمل رئيس مجلس شؤون المعاهد من قبل، كما أنه يعتبر تدخلًا غير منطقي في شؤون المعاهد، لأن المفترض أن من يتم ترشيحه لعمادة أي معهد أن يكون هناك نوع من التناغم بين هذا العميد وبين المالك، وهي الجمعية، خاصة وأن هذه المعاهد معاهد خاصة وليست حكومية، مثلها مثل الجامعات الخاصة التي لا يستطيع الوزير أن يتدخل في تعيين أي عميد لأي كلية بها.
فلماذا نكيل بمكيالين في الحالة الواحدة؟ ولماذا يكون هذا مباحًا في المعاهد الخاصة وغير مباح في الجامعات الخاصة؟!
لقد واجهت كثير من المعاهد صعوبة شديدة جدًا في توفير ثلاثة أساتذة للترشح لعمادة المعهد الواحد، وهو ما لم يذكره القائم بعمل أمين مجلس شؤون المعاهد في تقريره أمام المجلس وأمام الوزير، مما حدا بمعظم هذه المعاهد إلى أن تتحايل على هذا التشبث من وزارة التعليم العالي، فقام كثير من هذه المعاهد بترشيح ثلاثة أساتذة، منهم أستاذ أو أستاذان في غير التخصص، المهم هو استكمال الشكل (ثلاثة أساتذة).
بل إن هناك بعض المعاهد في القطاع التجاري مثلًا، على سبيل المثال لا الحصر، كانت قد رشحت أساتذة من كليات الطب لرفعها للوزارة لكي يتم اختيار الأستاذ المطلوب ورفض الأستاذين الآخرين لعدم ملاءمة التخصص.
وهو ما أخفاه القائم بعمل أمين مجلس شؤون المعاهد عن الوزير في التقرير الذي عرضه عليه وعلى مجلس شؤون المعاهد أول أمس، والذي تغنى فيه على غير الحقيقة، ولم يكن أمينًا في العرض عليه، بل وذكر له منتشيًا أن هناك معاهد رشحت أربعة أساتذة – نعم والله، قال أربعة أساتذة – ولم يذكر له حقيقة محاولة التحايل في هذه القصة من جانب هذا المعهد الذي رشح هذا العدد، حيث كان من بينهم اثنان من أساتذة الطب!!
أما المعهد الآخر الذي رشح أربعة أساتذة أيضًا، فقد كان مجبرًا على ذلك لأن وراء ما حدث معه قصة ابتزاز لهذا المعهد يندى لها الجبين، بعد أن رفض تنفيذ أوامر مخالفة للقانون من التعليم الخاص بالوزارة، بل وفيها مآرب شخصية لمن طلبها، وهذه القصة سنكشف عنها النقاب بعد ذلك لوزير التعليم العالي عند اللزوم.
وهناك جمعيات تحايلت أيضًا على ترشيح ثلاثة أساتذة، خاصة من الجمعيات المالكة لثلاثة معاهد، على سبيل المثال، حيث قامت بجمع عمداء هذه المعاهد الثلاثة وتقدموا بهم في كل معهد مع اختلاف الترتيب، وبالتالي لم يتم ترشيح أي أستاذ جديد لهذه المعاهد سوى عمدائها الموجودين.
وهناك معاهد أخرى كثيرة اتفقت فيما بينها لكي يقوم كل ثلاثة من هذه المعاهد بترشيح الأسماء الثلاثة الموجودين على رأس العمل في هذه المعاهد، لصعوبة وجود أي أستاذ في التخصص غير العمداء الذين لديهم، وبالتالي يضمنوا تعيين أي منهم، حتى لو اختلفت الأسماء لدى كل معهد في هذه اللعبة، فقد يذهب عميد معهد ما إلى المعهد الثاني، وعميد المعهد الثاني يأتي لعمادة المعهد الأول، وهكذا.
هل هذا هو التطوير؟ ولماذا لم يذكر القائم بعمل أمين مجلس شؤون المعاهد كل هذا لوزير التعليم العالي في تقريره غير الصحيح الذي تلاه على المجلس أمام الوزير ليؤكد له – على غير الحقيقة – نجاح التجربة، خاصة وأنه ذكر أمام الوزير أن هناك 10 معاهد فقط هي التي لم يتم ترشيح عمداء لها، وهذا غير صحيح، خاصة وأن القطاع التجاري وحده ما زال به 13 معهدًا لم يرسلوا مرشحين لعمادتها حتى الآن، مع أن شهر أغسطس قد قارب على الانتهاء.
كما أناشد الوزير أن يطلع على الأسماء التي تم ترشيحها لمعظم المعاهد، ليكتشف أن هناك بعض الأساتذة تم ترشيحهم في خمس أو ست معاهد لمجرد استكمال العدد، ولعل وعسى قد يفوز بالعمادة في أي من هذه المعاهد!
والغريب أن أمين مجلس شؤون المعاهد لم يذكر في تقريره “المضروب” أمام الوزير وأمام المجلس أنه قد وضع نفسه كرئيس لجميع لجان اختيار العمداء، ومعه أيضًا مستشار الوزير لشؤون مجلس المعاهد، مع أن أمين المجلس هذا لم يحضر أي لجنة منهم، المهم عنده طبعًا هو العائد المادي من هذه اللجان التي لم يشارك فيها، وهو بلا شك سيكون بمثابة إهدار للمال العام.
فهل سيوافقه الوزير على ذلك؟
ولم يكتفِ القائم بعمل أمين المجلس بذلك، بل وضع نفسه كرئيس أيضًا لجميع لجان تعيين أعضاء هيئة التدريس بهذه المعاهد، ومعه مستشار الوزير كأمين لهذه اللجان.
فهل هذا هو التطوير لهذه المعاهد؟!
سيادة الوزير، أرجوك أن تراجع بنفسك كشوف جميع المرشحين لهذه المعاهد، معهدًا معهدًا، وسوف تكتشف ما يصيبك بالذهول.
وأرجوك أن تتأكد بنفسك من كل معلومة ذكرتها لك في هذا المقال، وأنا مسؤول عن كل كلمة فيه، وإذا قيل لك عن أي معلومة من التي ذكرتها إنها غير صحيحة، فسوف أوافيك بتفاصيل كل واقعة بالتفصيل حتى تتأكد من صدق ما ذكرت، وأن هدفي كان وما زال الصالح العام، وليس إعداد تقارير “مضروبة” لعرضها عليك.
ولأنني لا أريد أن أخون أمانة العرض والثقة التي تعودتها معك منذ أن تعارفنا منذ سنوات طويلة.
تحياتي.