شهد سوق السلاح العالمي ازدهارا كبيرا، حيث حققت مبيعات أكبر 100 شركة عالمية في مجال تصنيع المعدات الدفاعية نموًا بنسبة 4.2% في عام 2023، لتصل إلى إجمالي 632 مليار دولار، وذلك بحسب تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، ويرجع هذا النمو إلى تصاعد التوترات الإقليمية وزيادة الطلب على الأسلحة نتيجة الحروب والنزاعات الدولية.
ما وراء انتعاش سوق السلاح العالمي
يبدو أن استمرار الحروب والنزاعات الدولية والإقليمية يمثّل فرصة اقتصادية رابحة لصناعة الأسلحة العالمية، وهو ما تؤكده أرقام المبيعات، وتوضح الأرقام أن المستفيد الأكبر من هذه الأوضاع المشتعلة هي الدول الكبرى والشركات التي تهيمن على هذه الصناعة.
وفقًا للتقرير، ارتفع إجمالي إيرادات الأسلحة والخدمات العسكرية مقارنة بالعام السابق، بعد انخفاض شهده السوق في 2022، حيث حققت نحو 75% من الشركات المدرجة في قائمة أفضل 100 شركة زيادات في الإيرادات، وكان أغلب هذه الشركات في النصف الأدنى من القائمة.
شملت الزيادة جميع مناطق العالم، وحققت شركات تصنيع الأسلحة الروسية والشرق أوسطية نموًا ملحوظًا، حيث أفاد التقرير بأن المنتجين الأصغر حجمًا كانوا أكثر قدرة على الاستجابة للطلب المتزايد الناتج عن النزاعات في غزة وأوكرانيا، بالإضافة إلى التوترات المتصاعدة في شرق آسيا.
أسباب زيادة الطلب على الأسلحة:
الصراعات المستمرة: أبرزها الحرب في أوكرانيا، التي دفعت العديد من الدول الأوروبية إلى تعزيز مخزوناتها الدفاعية.
تفاقم التوترات الجيوسياسية: في مناطق مثل آسيا والمحيط الهادئ، مع زيادة التنافس بين القوى الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة.
برامج التحديث العسكري: أطلقتها العديد من الدول لتعزيز قدراتها الدفاعية على المدى الطويل.
النزاعات الإقليمية: مثل العدوان الإسرائيلي في غزة والتوترات مع لبنان وإيران، الذي دفع الطلب على التكنولوجيا العسكرية الحديثة.
توزيع إيرادات شركات تصنيع الأسلحة
الولايات المتحدة
سيطرت شركات تصنيع الأسلحة الأمريكية على السوق العالمية، حيث بلغت إيراداتها حوالي 317 مليار دولار، ما يعادل نصف مبيعات الأسلحة عالميًا، ورغم ذلك شهدت شركات رائدة مثل “لوكهيد مارتن” و”RTX” انخفاضًا طفيفًا في مبيعاتها.
أوروبا
ظل نمو مبيعات الأسلحة الأوروبية طفيفاً بنسبة 0.2% فقط، ليصل إلى 133 مليار دولا، ومع ذلك ارتفعت الطلبات بشكل ملحوظ نتيجة الحرب في أوكرانيا.
روسيا
حققت الشركات الروسية ولا سيما “روستيخ” أعلى نسبة نمو بلغت 40%، ليصل إجمالي إيراداتها إلى 25.5 مليار دولار.
تركيا وإسرائيل
شهدت شركات الأسلحة في تركيا وإسرائيل نموًا قويًا بنسبة 18% لتصل إيراداتها إلى 19.6 مليار دولار، حيث حققت الشركات الإسرائيلية وحدها 13.6 مليار دولار، وهو أعلى رقم في تاريخها، مدفوعًا بالعدوان على غزة.
أما الشركات التركية، فبلغت إيراداتها 6 مليارات دولار، مستفيدة من زيادة الصادرات والسياسات الحكومية لتعزيز الإنتاج المحلي.
حجم الانفاق العسكري في العالم
ارتفع حجم الإنفاق العسكري في العالم للسنة التاسعة على التوالي، ليصل إلى 2443 مليار دولار في 2023، مسجلًا أكبر زيادة سنوية منذ عام 2009 بنسبة 6.8%، وبلغ العبء العسكري العالمي (نسبة الإنفاق إلى الناتج المحلي الإجمالي) 2.3%.
الدول الكبرى من حيث الإنفاق العسكري
الولايات المتحدة والصين: بلغ إنفاقاهما معًا حوالي نصف الإنفاق العالمي، حيث بلغت ميزانية الدفاع الأمريكية 916 مليار دولار (بزيادة 2.3%)، فيما بلغت ميزانية الدفاع الصينية 296 مليار دولار (بزيادة 6%).
أوروبا وأوكرانيا: ارتفع إنفاق أوكرانيا بنسبة 51%، ليصل إلى 64.8 مليار دولار، معتمدة جزئيًا على المساعدات العسكرية الخارجية.
روسيا: زادت ميزانيتها العسكرية بنسبة 24% لتصل إلى 109 مليارات دولار، مع تخصيص 16% من إجمالي الإنفاق الحكومي للدفاع.
الشرق الأوسط: نما الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط بنسبة 9% ليصل إلى 200 مليار دولار، حيث سجلت الجزائر أكبر زيادة بنسبة 76% لتصل إلى 18.3 مليار دولار، كما ارتفع الإنفاق الإسرائيلي بنسبة 24% إلى 27.5 مليار دولار.
تأثير التحالفات العسكرية على سوق السلاح
ساهمت التحالفات الدولية، مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في تعزيز الإنفاق الدفاعي لدوله الأعضاء، الذين أنفقوا مجتمعين 1341 مليار دولار في 2023، وهو ما يمثل 55% من الإنفاق العسكري العالمي، وشكلت الولايات المتحدة وحدها 68% من إنفاق الناتو الدفاعي.
ويتوقع الباحث لورينزو سكارازاتو من معهد “سيبري” استمرار نمو إيرادات شركات الأسلحة خلال 2024، مع زيادة الطلب وعمليات التوظيف التي أطلقتها العديد من الشركات، مما يعكس تفاؤلها بالسوق.
وفي ظل هذه الزيادة الكبيرة في حجم الإنفاق العسكري العالمي، تثار تساؤلات حول التحديات والتهديدات البيئية والمجتمعية التي يفرضها قطاع الدفاع، بما في ذلك أثر الإنتاج العسكري على البيئة، وتصاعد النزاعات المسلحة، وتوجيه الموارد الاقتصادية بعيدًا عن القطاعات المدنية مثل التعليم والصحة.