تتصاعد وتيرة الأنشطة العسكرية التابعة لجماعة الحوثي في محافظة الحديدة اليمنية، بالتزامن مع تسريع وتيرة ترميم موانئ تضررت جراء غارات جوية، وسط تحذيرات أممية من انتشار الألغام. الجماعة تعزز تواجدها العسكري وتستقطب مقاتلين جدد، ما يثير مخاوف بشأن مستقبل المنطقة.
تعزيزات عسكرية مكثفة
تدفع الجماعة بمئات المقاتلين إلى الحديدة على دفعات، مدعومين بتعزيزات كبيرة من العتاد والذخائر. تتركز هذه التعزيزات في الأطراف الجنوبية لمركز المحافظة، المطار، الجبانة، جزيرة كمران، ومديريات الدريهمي، التحيتا، والمنيرة. تشدد الجماعة الإجراءات الأمنية على الطرقات.
تجري أعمال ترميم سريعة في الموانئ الثلاثة الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وصل ما لا يقل عن ست سفن مجهولة الحمولة إلى ميناء الحديدة، بالإضافة إلى سفينتين في ميناء الصليف. يجري إفراغ حمولات سفن نفطية في ميناء رأس عيسى.
تسريع وتيرة الترميم
تعمل الجماعة على إصلاح الأضرار الناجمة عن الغارات الجوية في الموانئ الثلاثة بسرعة. تستخدم الحاويات وبقايا المعدات المدمرة لردم الحفر والفجوات في الأرصفة، وذلك بهدف تجهيزها لاستقبال السفن في أقرب وقت.
يكشف استخدام الحاويات وبقايا المعدات الثقيلة في الترميم عن نية الجماعة لإعادة تشغيل الموانئ بأسرع ما يمكن. تتطلب أعمال الصيانة والترميم عادةً مدة أطول، لكن الحوثيين يسعون لاستقبال السفن بسرعة قياسية.
تلجأ الجماعة إلى تفريغ حمولات بعض السفن إلى زوارق وقوارب صغيرة في عرض البحر، ثم نقلها إلى الموانئ بسبب صعوبة وصول السفن إلى الأرصفة المتضررة. تتم هذه العمليات غالبًا في الليل وتحت حراسة أمنية مشددة، ما يشير إلى حرص الجماعة على السرية.
استغلال الموانئ
تسعى الجماعة للحفاظ على نشاط الموانئ لدعم أنشطتها السرية واستيراد مواد يصعب نقلها عبر مناطق الحكومة الشرعية، وفقًا لمسؤولين يمنيين.
بسبب الأضرار التي لحقت بالموانئ، اضطرت الجماعة إلى السماح بالاستيراد من الموانئ في مناطق الحكومة، وإدخالها عبر المنافذ البرية. عوضت خسائرها من تعطيل موانئ الحديدة بمضاعفة الرسوم الجمركية على السلع.
تدريبات عسكرية مكثفة
أفاد مراقبون في الحديدة عن إجراء الجماعة تدريبات عسكرية في خمس جزر غرب مدينة اللحية، تضمنت محاكاة اشتباكات بين زوارق بحرية واستهداف سفن في عرض البحر.
كشف مسؤول حكومي عن إجبار الجماعة الصيادين على تأجير قواربهم لصالحها وإجبارهم على الإبحار بعناصرها إلى مناطق بعيدة من الساحل لتنفيذ مهام مشبوهة، في ظل التوترات المتصاعدة في البحر الأحمر.
يرجح مراقبون أن تتضمن مهام مقاتلي الجماعة على قوارب الصيادين مراقبة حركة السفن أو تنفيذ هجمات غير مباشرة. تتهم الحكومة الجماعة بانتهاك “اتفاق استوكهولم” الذي يلزم الأطراف بوقف الأعمال العدائية وحماية المدنيين.
تواجه الجماعة صعوبات في الحصول على السلع والمواد الضرورية لأنشطتها بسبب العقوبات الأميركية، بما في ذلك إلغاء تراخيص تفريغ الوقود في موانئ الحديدة.
تجنيد إجباري
تشهد عدة مديريات في الحديدة استعراضات ميدانية للمجندين الجدد ضمن ما يُعرف بـ “التعبئة العامة”. تجبر الجماعة الشباب على الانضمام إلى الدورات التدريبية العسكرية تحت مسمى “طوفان الأقصى”، مدعية حشدهم لمناصرة سكان غزة.
توفي طالب جامعي في ظروف غامضة خلال مشاركته في معسكر تدريبي تنظمه الجماعة في ضواحي الحديدة، بعد أن أخضعت نحو 794 طالبًا من جامعة العلوم والتكنولوجيا إلى جانب الآلاف من طلاب الجامعات والمدارس الأخرى.
ينظم القادة الحوثيون لقاءات موسعة في مختلف المديريات لحشد الأنصار والمقاتلين تحت شعار مساندة الفلسطينيين ومواجهة إسرائيل، مع مضاعفة الأنشطة الدعائية لإقناع الأطفال والشباب بالالتحاق بالدورات التعبوية.
وصلت الجماعة إلى المرحلة السادسة من الدورات العسكرية المفتوحة لتجنيد المقاتلين ضمن “التعبئة العامة”. تنظم الجماعة مسيرات استعراضية راجلة عند تخرج أي دفعة من المتدربين بهدف تشجيع الأهالي على الدفع بأبنائهم للانضمام إلى الدورات.
تهديد الملاحة البحرية
هددت الجماعة شركات الشحن والسفن التجارية الأميركية أو المرتبطة بالمواني الإسرائيلية باستهدافها حال عبورها البحر الأحمر، وأعلنت عن إطلاق “المرحلة الرابعة من الحصار البحري على إسرائيل”.
مدد مجلس الأمن الدولي ولاية بعثة الأمم المتحدة لرعاية “اتفاق استوكهولم” الخاص بالحديدة حتى نهاية كانون الثاني/يناير المقبل، وسط انتقادات حكومية لأدائها وعدم تحقيقها “إنجاز ملموس” في الجوانب العسكرية والأمنية والاقتصادية والإنسانية.
حذرت القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة في الحديدة من استمرار تهديد الألغام والمخلفات الحربية بشكل واسع النطاق، مشيرة إلى أن الطرقات والمزارع والمنازل تحولت إلى مناطق خطرة وحقول موت. تعيش المجتمعات المحلية تحت تهديد يومي من هذه المتفجرات.