الأحد 27 يوليو 2025
spot_img

رحيل زياد الرحباني.. صدمة وحزن يكتسح العالم العربي

spot_img

رحيل زياد الرحباني يُحزن العالم العربي

فاجأ خبر رحيل الفنان اللبناني زياد الرحباني، عن عمر يناهز السبعين، الملايين من محبيه في العالم العربي، حيث عكس الحزن الذي عمّ التعليقات والتدوينات مدى الصدمة الناتجة عن فقدان شخصية تمتاز بمسيرة فنية فريدة. يحمل هذا الحزن طابع الفقد غير المتوقع، إذ أن وفاته تأتي مخالفة لسنن الحياة.

يعتبر زياد الرحباني رمزاً للموسيقى العربية، ليس فقط كونه ابن الفنانة الشهيرة فيروز، بل بفضل إبداعه وتميزه الشخصي. فقد ارتبطت ملامح شخصيته، أفكاره وكلماته، بصورة الابن النابغة الذي بدأ بإبداع الموسيقى منذ سن مبكرة، حيث كتب أغنيته الأولى بعمر السادسة.

تجسدت صورة زياد في أذهان الناس كأحد العظماء في عالم الموسيقى، مشابهاً للموسيقار النمساوي موتسارت، الذي أذهل الجماهير بجديده منذ طفولته وترك إرثاً فنياً غنياً حتى وفاته المفاجئة. إذ يبقى اسم زياد عالقاً كذكرى للموهبة المبكرة والعبقرية الفنية.

المتمرد الذي غادر القصر

يقترن اسم زياد الرحباني بصورة “الولد المتمرد”، الذي وُلد في ظروف متميزة لكنه اختار مغادرة القصر ليعيش بين الفقراء. استخدم فنه كوسيلة للتعبير عن أصوات المهمشين، من خلال كلمات وألحان كانت بمثابة صيحات سياسية تعكس روح المقاومة.

قبل أن يُعرف كموسيقي، كان زياد شاعراً، حيث صدرت أعماله الأولى في ديوان “صديقي الله” عام 1971، والذي تتحدث قصائده عن التساؤلات الوجودية من منظور طفل احتفل بعيد ميلاده السادس، محاولا من خلاله التعبير عن أفكاره حول الخير والعدل.

تميز أسلوبه بالبساطة العميقة، حيث عكس أفكاره بطريقة جذابة ومؤثرة. ساهمت هذه الفلسفة في جعله واحداً من أكثر الفنانين شعبية، خاصة بين الأجيال الشابة التي وجدته تعبيراً عن تمردها وتطلعاتها، منذ طفولته وحتى لحظاته الأخيرة.

أثر الحرب الأهلية على فنه

عززت الحرب الأهلية اللبنانية من هويته المستقلة، حيث اختار الابتعاد عن عائلته وعيش حياة تعكس قناعاته اليسارية. انتمى للتيار الشيوعي من أجل تحقيق رؤيته للعدالة والمساواة، مما ساهم في تشكيل شخصيته الفنية والسياسية.

زياد لم يكن فناناً عابراً فقط، بل جمع بين التأليف الموسيقي والشعر والدراما، واتخذ من الفن وسيلة للتعبير عن رأيه السياسي. على عكس معظم الفنانين، استخدم زياد فنه ليصل برسالته قبل أي اعتبارات أخرى.

رغم الظروف القاسية والحياتية التي عاشها، بقيت أعماله تعكس روح الأمل والتفاؤل، كما يظهر ذلك في مسرحياته التي تحمل مضامين سياسية عميقة، لكن بأسلوب مليء بالمرح والبساطة، مما أدى إلى تحقيق تواصل دائم مع الجمهور.

إرث فني خالد

حمل زياد الروح الموسيقية التي تميزت بخلود الأغاني وبتواصلها مع الجمهور على مدى عقود. كانت أعماله تتمتع بإيقاع يجذب المستمع ويعلق في ذاكرته، مما جعله واحداً من أبرز الأسماء في الموسيقى العربية.

تذكر العديد من الجماهير لحظات استماعهم لموسيقاه، حيث تُعتبر أغنيته “ع هدير البوسطة” واحدة من أكثر المقطوعات التي استمتع بها الكثيرون عبر الأزمان. لقد أصبحت أعماله جزءاً لا يتجزأ من ذاكرة الناس.

ستظل ذكرى زياد الرحباني حية في قلوب وعقول الأجيال القادمة، كرمز للإبداع والشغف والطموح نحو مستقبل أفضل.

اقرأ أيضا

اخترنا لك