في تطور لافت يعكس استمرار بعض الملفات العالقة، أشارت وزارة الداخلية المصرية في بيان رسمي إلى وجود عناصر هاربة من جماعة الإخوان المسلمين في تركيا، متهمة إياهم بالتحريض على أعمال إرهابية، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2020، رغم التقارب الدبلوماسي الذي شهدته العلاقات بين البلدين.
ملف الإخوان المسلمين
يأتي هذا البيان في وقت تشهد العلاقات المصرية التركية استقراراً نسبياً، ما يراه خبراء من القاهرة وأنقرة دليلاً على أن ملف العناصر الهاربة من الجماعة المحظورة لا يزال يمثل تحدياً، رغم وجود ملفات تنسيق وتعاون أكثر أهمية في ليبيا وشرق المتوسط والاستثمارات.
مصدر مصري مطلع أكد أن قضية وجود عناصر من الإخوان وآخرين على صلة بالإرهاب في تركيا، وتخطيطهم لأعمال مناهضة للدولة، هو موضوع دائم في الحوار المصري التركي، وأن هذا الملف يحقق تقدماً ملموساً، لكنه لم يصل إلى المستوى الذي يحقق المصالح المتوازنة للطرفين.
تطبيع العلاقات المصرية التركية
شهدت العلاقات المصرية التركية تحسناً ملحوظاً بعد فترة من التوتر والانقطاع، عقب دعم أنقرة لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر بعد أحداث 30 يونيو 2013.
بعد سنوات من ورود اسم تركيا في بيانات وزارة الداخلية المصرية كدولة تحتضن عناصر إخوانية هاربة، اختتمت هذه المرحلة من الاتهامات ببيان في يناير 2020، قبل أن تشهد العلاقات تحولات إيجابية.
في مارس 2021، أعلنت أنقرة استئناف الاتصالات الدبلوماسية مع مصر، وطالبت القنوات الموالية للإخوان بوقف برامجها “التحريضية ضد مصر”، أو التوقف عن البث من الأراضي التركية.
ذروة التقارب المصري التركي
تسارع مسار التطبيع مع مصافحة الرئيسين المصري والتركي في قطر عام 2022، وبلغ ذروته بزيارة أردوغان للقاهرة في فبراير 2024، وزيارة السيسي لأنقرة في سبتمبر من العام نفسه، لتدشين “حقبة جديدة” من التعاون، قبل بيان الداخلية الأخير.
وزارة الداخلية المصرية أعلنت استهداف عناصر إرهابية تابعة لحركة “حسم”، الجناح المسلح للإخوان، خططت لتنفيذ عمليات تخريبية، ومن بينهم يحيى موسى.
رسائل وتحليلات سياسية
عاد اسم تركيا للظهور في بيانات الداخلية المصرية، مشيرة إلى أن “قيادات حركة (حسم) الهاربة بدولة تركيا، أعدت وخططت لمعاودة إحياء نشاطها”، وتعتبر هذه الإشارة بمثابة رسالة من مصر إلى تركيا، مفادها ضرورة التعامل بجدية مع ملف تسليم المطلوبين المتهمين في قضايا جنائية.
ويرى المحلل السياسي أحمد بان أن الرسالة المصرية تعبر عن امتعاض من عدم إنجاز هذا الملف، مما قد يؤثر سلباً على العلاقات التي شهدت تحسناً في عام 2023.
خلافات مستمرة
يشير بان إلى أن وجود قيادات “حسم” في تركيا لا يزال يمثل ورقة عالقة، وأن أنقرة تبدو منتبهة لخطرهم، لكن ذلك لم يمنعهم من التخطيط لعمليات داخل مصر، وهو ما يثير تساؤلات حول استمرار هذا الملف.
المحلل السياسي التركي طه عودة أوغلو يرى أن إشارة مصر إلى تركيا في بيان الداخلية تعكس وجود أزمة بشأن ملف الإخوان الهاربين، لكنها لن تؤثر على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وجهات نظر متباينة
بالمقابل، يرى المحلل السياسي ماهر فرغلي أن ذكر اسم تركيا في البيان جاء بشكل تلقائي، ولا يشكل ضغطاً أو عقبة في العلاقات، وأن هذا الملف لا يشكل أهمية كبيرة مقارنة بملفات أخرى في شرق المتوسط وليبيا.
بينما يستمر الجدل حول تأثير ملف عناصر الإخوان الهاربة على العلاقات، لم تعلق أنقرة رسمياً على بيان الداخلية المصرية، لكن صفحات موالية للإخوان ذكرت أن السلطات التركية احتجزت محمد عبد الحفيظ في مطار إسطنبول.
توقعات مستقبلية
يرجح أحمد بان أن أنقرة ستغلب منطق الدولة ومصالحها، وقد تتعاون مع مصر في هذا الملف، لتجنب الإضرار بملفات أكثر أهمية.
ويتوقع طه عودة أوغلو أن تظل القضية حاضرة بشكل ثانوي، مع استمرار تركيا في تقييد تحركات تلك العناصر ومنعهم من التحريض، مع الإبقاء على السياسة التصالحية والتنسيق في ملفات ليبيا وشرق البحر المتوسط.