منظومة دفاعية جديدة تتحدى باتريوت
تتزايد الدعوات داخل أوروبا للحد من الاعتماد على الأسلحة الأميركية، حيث تُعد النسخة المطوَّرة من منظومة الدفاع الجوي الأوروبية Samp/T منافسًا قويًا لنظيرتها الأميركية “باتريوت”. جاء ذلك وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
في هذا السياق، ذكرت الصحيفة أن منظومة “باتريوت” تُعتبر من بين أكثر الأسلحة تقديرًا حول العالم نظرًا لقدرتها الفائقة على إسقاط الطائرات المسيّرة والصواريخ. ومع ذلك، تستعد النسخة الجديدة من Samp/T لاختبار قدرة أوروبا على الاستغناء عن الأسلحة الأميركية.
الصحيفة أشارت أيضًا إلى أن المنظومة الأوروبية كانت أقل انتشارًا من نظيرتها الأميركية، التي نالت العديد من الطلبات وأثبتت فاعليتها في العديد من ساحات القتال. ومع ذلك، تشدد الشركة الفرنسية-الإيطالية المطورة للمنظومة على أن الجيل الجديد منها يتمتع بمزايا استراتيجية في المعارك العسكرية.
تعزيز القدرات الدفاعية
تأتي هذه الخطوة في إطار جهود أوروبا لتعزيز قدراتها الدفاعية، بالتزامن مع مناقشات متزايدة حول ضرورة تقليل الاعتماد على الأسلحة الأميركية. وقد تم التطرق أيضًا إلى عدم استقرار الدعم الأميركي لأوكرانيا في ظل الإدارة السابقة.
فيما تتنافس المنظومتان، تواجه “باتريوت” تحديات ميدانية في أوكرانيا نتيجة استخدام روسيا لصواريخ باليستية جديدة، مما يُعزِّز من أهمية تطوير الردع الأوروبي.
تقوم الحكومات الأوروبية حاليًا بتقييم قدرات الدفاع الجوي لديها. وقد أكدت الدنمارك أنها تخطط لاتخاذ قرار بشأن البطاريات الدفاعية التي ستشتريها لاحقًا هذا العام، فيما يتوقع أن تُحدث كل من بلجيكا والبرتغال وبريطانيا تحديثات على أنظمتها قريبًا.
التنافس بين الأنظمة
لا ينحصر التنافس بين نظمي “باتريوت” وSamp/T في الجانب العسكري فحسب، بل يمتد أيضًا إلى عقود تجارية ضخمة، حيث يُظهر الأوروبيون اهتمامًا كبيرًا بصناعتهم الدفاعية المحلية.
خلال معرض جوي في باريس، عرض إريك تاباتشي، مستشار في شركة Eurosam، الرادار الجديد للمنظومة الذي يتمتع بقدرة تحمل متفوقة، مُشيرًا إلى أن “باتريوت” لا تمتلك ميزة مماثلة.
تُعتبر Eurosam عبارة عن تعاون مشترك بين شركة تصنيع الصواريخ MBDA وشركة Thales الفرنسية، ما يُضفي مزيدًا من القوة على القدرة الإنتاجية والتكنولوجية الأوروبية.
تاريخ الطلبات
منذ دخولها الخدمة عام 2011، لم تحصد المنظومة الأصلية من Samp/T سوى 18 طلبية، مُقارنةً بأكثر من 240 طلبية لصالح “باتريوت” من 19 دولة. لكن على الرغم من هيمنة “باتريوت” في الأوقات السابقة، تواجه الأخيرة تحديات جديدة في ميدان الصراع.
تؤكد التقارير نجاح “باتريوت” في مجابهة الصواريخ الروسية، لكنها تواجه صعوبة مع الصواريخ الجديدة الأكثر قدرة على المناورة. ومن جهة أخرى، تسعى الشركتان وراء تطوير نظام “Samp/T” لمواجهة هذه التحديات.
التطورات التقنية
يتضمن الجيل الجديد من “Samp/T” تحسينات تقنية ملفتة، مثل رادار قادر على رصد السماء بزاوية 360 درجة ومحسّن لإطلاق الصواريخ.
كما تم إعادة تصميم صاروخ Aster B1NT المستخدم في المنظومة، ليُصبح مداه أكثر من 90 ميلًا. بينما يعمل الجيش الأميركي على تحديث “باتريوت” مع رادار جديد سيوفر له تغطية بزاوية 360 درجة أيضًا، إلا أن عملية تحسين الأنظمة تستغرق وقتًا.
تعاني بعض الأنظمة من نقص في الصواريخ، إذ أشار مسؤول أوكراني إلى نفاد صواريخ “Samp/T”، مما يبرز الحاجة الماسة إلى تعزيز القدرات التصنيعية.
عقبات في الإنتاج
أثارت شركة MBDA مخاوف الحكومة الفرنسية بخصوص تأخيرات في إنتاج صواريخ Aster، مما دفع بباريس لوضع ضغوطات على الشركة لتعزيز الانتاج.
الرئيس الأميركي السابق ترمب علق توريد صواريخ “باتريوت” لتعزيز المخزون الأميركي، عارضًا الدعم العسكري بشكل جزئي، بينما أعيدت تجهيزات للرد على الطلب المتزايد من قبل أوكرانيا.
في العام الجاري، تسعى الولايات المتحدة لزيادة إنتاج صواريخ “باتريوت” لتلبية الطلب الضخم. ومع ذلك، يُشير بعض المحللين إلى أن نجاح أوروبا في تطوير بدائل محلية قد ينعكس سلبًا على التنافسية الأميركية.
التحولات المحتملة
تسعى الدول الأوروبية لزيادة إنفاقها الدفاعي، مُستهدفةً وضع جزء كبير منه في تطوير قدراتها العسكرية، مما قد يفتح سوقًا جديدة في مجال الدفاع الأوروبي.
بينما تُظهر التقارير أن الولايات المتحدة تبقى المسيطرة على تجارة الأسلحة العالمية، تستمر الدول الأوروبية في الهجرة نحو اكتفاء ذاتي في بعض المجالات.
لا تزال المناقشات محتدمة بين النواب الأوروبيين حول أهمية التحول نحو البدائل المحلية، حيث يحث بعضهم على التوجه لشراء أنظمة أمان محلية تُعزز الاستقرار العسكري.