الأحد 24 نوفمبر 2024
spot_img

من هي أكثر دولة عليها ديون.. وهل ديون أمريكا تهدد الاقتصاد العالمي؟

ارتفع حجم الدين الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية ووصل إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تجاوزت ديون أمريكا حاجز 36 تريليون دولار، وذلك بسبب تسارع معدلات الاقتراض الحكومي خلال العقد الأخير، وهو ما يشكل تحدياً اقتصادياً وسياسياً عميقاً للولايات المتحدة.

اكثر دولة عليها ديون

وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي اكثر دولة عليها ديون في العالم من حيث القيمة الإجمالية، وجاءت هذه القفزة في حجم الدين والذي تجاوز 36 تريليون دولار خلال شهر نوفمبر الجاري، بعد مرور أشهر قليلة على تجاوزه حاجز 35 تريليون دولار في يوليو الماضي، مما يعكس تسارعًا غير مسبوق في حجم الاقتراض الحكومي، وهو ما يثير قلقًا متزايدًا بشأن استدامة أكبر اقتصاد في العالم.

التاريخ المالي لديون أمريكا

قبل 40 عامًا فقط، كان حجم الدين الحكومي للولايات المتحدة لا يتعدى 900 مليار دولار، وهو ما يظهر كيف تحول الاقتصاد الأمريكي تدريجيًا إلى الاعتماد على الاقتراض، وهذا النمو السريع للدين يعكس تغيرات جذرية في السياسات المالية والاقتصادية، التي تزايدت أهميتها مع توسع البرامج الاجتماعية وزيادة الإنفاق العسكري.

وفقًا لبيانات وزارة الخزانة الأمريكية، ارتفع الدين الحكومي من 34.006 تريليون دولار في يناير 2024 إلى 36.034 تريليون دولار بحلول نوفمبر الجاري 2024، وكان حجم الدين قد تجاوز حاجز 33 تريليون دولار في سبتمبر 2023، ويعكس هذا التسارع مزيجًا من العوامل أبرزها ارتفاع العجز الفيدرالي وزيادة الإنفاق الحكومي.

العجز في الموازنة

وسجلت الحكومة الفيدرالية في السنة المالية المنتهية في سبتمبر 2023 ثالث أكبر عجز في تاريخ الولايات المتحدة، حيث بلغ هذا العجز 1.7 تريليون دولار، مدفوعًا بزيادة الإنفاق الحكومي وتراجع الإيرادات الضريبية، وساهمت مدفوعات الفائدة على الدين في زيادة الإنفاق حيث ارتفعت بمقدار 240 مليار دولار مقارنة بالعام المالي السابق.

ما هي أسباب ارتفاع ديون امريكا؟

ترجع أسباب ارتفاع الدين الحكومي الأمريكي لهذه المستويات التاريخية إلى عدة عوامل، منها:

– ارتفاع أسعار الفائدة، فمع تبني مجلس الاحتياطي الفيدرالي سياسة رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم، ازدادت تكلفة الاقتراض الحكومي بشكل ملحوظ، وهو ما أدى إلى تضخم مدفوعات الفائدة التي تجاوزت 900 مليار دولار سنويًا، وتشير التقارير إلى أن مدفوعات الفائدة على الدين قد تصل إلى 1.4 تريليون دولار سنويًا بحلول 2032، لتصبح العنصر الأسرع نموًا في الميزانية الفيدرالية.

– زيادة الإنفاق الحكومي، سواء في مجالات الرعاية الصحية أو الضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى المجال العسكري، حيث يتزايد الإنفاق الحكومي بوتيرة أسرع من نمو الإيرادات، كما أن الأزمات الاقتصادية مثل جائحة كورونا دفعت الحكومة إلى اعتماد خطط تحفيز ضخمة، وقد سجلت الحكومة الفيدرالية عجزًا ضخمًا بلغ 1.8 تريليون دولار في السنة المالية 2024.

– زيادة الاحتياجات الاجتماعية والبنية التحتية، وتشمل النفقات الحكومية الإضافية في برامج الصحة والتعليم والاستثمارات في البنية التحتية، على سبيل المثال أقرّت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن خططًا مثل قانون البنية التحتية الذي يتطلب مئات المليارات من الدولارات.

– تراجع الإيرادات الضريبية، على الرغم من الانتعاش الاقتصادي النسبي، إلا أن الإيرادات الحكومية لم تواكب نمو الإنفاق، ما أدى إلى فجوة مالية كبيرة.

كيف تؤثر أزمة الديون على المستقبل الأمريكي؟

ويؤثر هذا الارتفاع في الدين الأمريكي على استقرار الاقتصاد ويمثل ضغطا على الأسواق المالية، وفي الوقت ذاته قد ينهي الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي، حيث يشير الخبراء إلى أن استمرار هذه الوتيرة في ارتفاع الدين قد يُضعف مكانة الولايات المتحدة كقوة اقتصادية عالمية.

وتشير توقعات مكتب الميزانية بالكونجرس إلى أن الدين الأمريكي قد يصل إلى 54 تريليون دولار خلال العقد القادم، يشكل الدين الحكومي الأمريكي نسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي، ويُقدر حاليًا بنسبة 120% من الناتج، وهذا الرقم يثير مخاوف بشأن قدرة الحكومة على الاستمرار في تمويل الدين دون التأثير على استقرار الاقتصاد العالمي.

ويشكل الدين المرتفع تحديًا كبيرًا للنمو الاقتصادي المحلي، إذ يحد من مرونة الحكومة في تنفيذ سياسات مالية تحفيزية لمواجهة الأزمات المستقبلية، كما أن زيادة الاقتراض يمكن أن ترفع تكاليف الفائدة على القطاع الخاص، مما يقلص الاستثمارات.

وقد يؤدي ارتفاع الدين إلى تقليص القدرة على التعامل مع الأزمات المستقبلية، ففي حالة حدوث أزمة اقتصادية جديدة قد تجد الحكومة الأمريكية نفسها مقيدة ماليًا بسبب الأعباء الهائلة للدين، بالإضافة إلى وجود ضغوط على الأسواق المالية وتقليص الثقة في السندات الأمريكية، التي تُعد أداة استثمارية رئيسية للاقتصادات الكبرى.

هل هناك حلول لأزمة حجم الديون الامريكية؟

تحتاج الولايات المتحدة إلى مراجعة شاملة لسياساتها المالية، بما يشمل إصلاح النظام الضريبي للحد من التهرب الضريبي وزيادة الضرائب على الشرائح الأكثر ثراءً لتحسين الإيرادات.

كما تحتاج إلى تقليص الإنفاق غير الضروري، بإعادة تقييم البرامج الحكومية، مع التركيز على كفاءة الإنفاق، وهو ما يمكن أن يساعد في تقليص الفجوة المالية، بالإضافة إلى حاجتها إلى إعادة هيكلة الدين بالنظر إلى تمديد آجال الديون لتخفيف الضغط المالي على المدى القريب.

التحديات السياسية الداخلية

ومع اعتبار الولايات المتحدة اكثر دولة مديونة في ترتيب ديون دول العالم بتجاوز الدين الحكومي الأمريكي حاجز 36 تريليون دولار، تدخل الولايات المتحدة مرحلة حرجة تتطلب اتخاذ قرارات مالية حاسمة، وتظل الانقسامات السياسية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري عائقًا كبيرًا أمام اتخاذ خطوات جادة لحل أزمة الدين، إذ أن الصراع الدائم حول رفع سقف الدين يُهدد بإغلاق الحكومة الفيدرالية، مما يضيف مزيدًا من الضغوط على الاقتصاد.

اكثر دولة عليها ديون من حيث الناتج المحلي

ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تحمل لقب أكبر دولة عليها ديون من حيث القيمة المطلقة (حوالي 36 تريليون دولار)، إلا أنها ليست اكثر دولة عليها ديون من حيث الناتج المحلي الإجمالي، إذ أن دولًا مثل اليابان واليونان وسنغافورة لديها نسب ديون إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى بكثير، فاليابان على سبيل المثال تتصدر هذه القائمة بنسبة تقارب 255% من ناتجها المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 123% في الولايات المتحدة.

ديون أمريكا تهدد الاقتصاد العالمي
ديون أمريكا تهدد الاقتصاد العالمي

اقرأ أيضا

اخترنا لك