في أعقاب احتفالات عيد الاستقلال الأميركي، تصاعدت التوترات السياسية في واشنطن، حيث أثار مشروع قانون أُقرّ مؤخرًا في الكونغرس شرخًا عميقًا في العلاقة بين الرئيس دونالد ترامب ورجل الأعمال البارز إيلون ماسك. هذا الخلاف يهدد بإعادة تشكيل المشهد السياسي الأميركي.
خلاف ترامب وماسك
أعرب ماسك عن استيائه الشديد من تمرير المشروع، ولوّح بإنشاء حزب ثالث، “حزب أميركا”، متحديًا بذلك هيمنة الحزبين الرئيسيين. هذا التحرك يطرح تساؤلات حول مستقبل التحالفات السياسية وقدرة ماسك على إحداث تغيير حقيقي في النظام السياسي الأميركي.
برنامج “تقرير واشنطن”، وهو نتاج تعاون بين صحيفة “الشرق الأوسط” وقناة “الشرق”، يغوص في تفاصيل هذا الخلاف، محللًا أسبابه وتداعياته المحتملة، ويستكشف التحديات التي تواجه أي محاولة لتأسيس حزب ثالث في الولايات المتحدة.
أسباب القطيعة
يرى وليفر هال، مؤسس مركز الديمقراطية التنافسية، أن الخلاف بين ترامب وماسك ذو طبيعة شخصية وسياسية. ويرتبط جزء كبير منه بمشروع الموازنة الجديد الذي يرفع سقف الدين، بالإضافة إلى مخاوف ماسك بشأن انتهاء الحوافز الخاصة بالسيارات الكهربائية.
هنري أولسن، الباحث في مركز الأخلاقيات والسياسة العامة، يوافقه الرأي، مشيرًا إلى أن ماسك يفضل نهجًا “ليبرتارياً” في الحكم يركز على تقليل الإنفاق الحكومي، ويدعم بقوة الاستثمار الحكومي في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة الشمسية.
خلافات شخصية
يشير كايفن شروف، المستشار السابق في حملة هيلاري كلينتون، إلى أن تدهور العلاقة بين ترامب وماسك لم يكن مفاجئًا، نظرًا لشخصيتهما القوية. ويرجح أن طريقة تعامل ترامب مع ماسك أمام الجمهور كانت سببًا إضافيًا لغضبه.
ويضيف شروف أن إطلاق “حزب أميركا” بعد تمرير القانون يعكس رغبة ماسك في توجيه ضربة إعلامية لترامب. ويصف الأمر بأنه “معركة بين اثنَيْن من أصحاب المليارات لأسباب شخصية صغيرة”.
تحديات تأسيس حزب
يواجه ماسك تحديات كبيرة في تأسيس حزب ثالث. فقد سعى آخرون قبله، مثل حزب الخضر والحزب الليبرتاري، لكنهم واجهوا صعوبات في الوصول إلى السلطة.
يشير هال إلى ثلاث عقبات رئيسية: النظام السياسي الأميركي القائم على نظام الحزبين، والقوانين الانتخابية المعقدة في الولايات المختلفة، ومعارضة الحزبين الرئيسيين لأي منافس جديد.
عقبات قانونية وسياسية
ويوضح هال أن القوانين الانتخابية “صعبة جدًا لدرجة أن الدخول في السباق يصبح شبه مستحيل لأي مرشح أو حزب ليست لديه ثروة كبيرة”. ويضيف أن ماسك سيحتاج إلى التأكد من وجود الأشخاص المناسبين لضمان سير الإجراءات بشكل صحيح.
ويؤكد هال أن الحزبين الرئيسيين سيعملان على منع أي منافس جديد عبر رفع دعاوى قضائية والطعن في استمارات الترشيح. ويشير إلى أن ماسك سيحتاج إلى جهد حقيقي لتحديد مرشحين جيدين ومواجهة الناخبين المعتادين على التصويت لأحد الحزبين الرئيسيين.
تأثير محدود
يرى شروف أن ماسك لا يملك فرصة كبيرة لتأسيس حزب ثالث ناجح، لأن دعمه السياسي كان مرتبطًا بعلاقته مع ترامب. ويشير إلى أن الحزب الثالث قد يؤثر على حظوظ مرشحي الحزبين الرئيسيين.
يؤكد أولسن أن الأحزاب الثالثة “لطالما كان دورها سحب الأصوات من مرشحي الحزبَيْن الرئيسييْن”. ويرجح أن يكون الحزب الديمقراطي هو المتضرر الأكبر، نظرًا لغياب مرشحين يستقطبون حماسة الناخبين.
غياب رؤية واضحة
يسلط شروف الضوء على تحدٍّ آخر يواجه ماسك، وهو غياب آيديولوجية واضحة لديه. ويقول: “لقد كان داعماً كبيراً للديمقراطيين، ثم اتجه إلى ترامب، ثم ابتعد عنه، ولا يوجد لديه تفكير ثابت أو منهج واضح”.
يرى هال أن ماسك لديه فرصة أكبر لإحداث فارق في التركيبة السياسية الأميركية، خاصة في الانتخابات النصفية، لأنه يملك المال اللازم لوضع مرشحيه على بطاقات الاقتراع.
فرص ومخاطر
ويضيف هال: “هو قادر على ذلك، وأعتقد أنه يمكنه النجاح. يمكنه إنفاق المال اللازم ليخوض مرشحوه حملات انتخابية قوية. لكن عليه أن يجد مرشحين حقيقيين”. ويشير إلى وجود رغبة كبيرة بين الناخبين الأميركيين لتأسيس حزب ثالث.
يحذر أولسن من أن اهتمام الناس بحزب ثالث لا يعني بالضرورة دعمهم الفعلي له. ويتساءل: “من سيكون المرشحون؟ وما البرامج التي سيقدمونها؟”.