تدهور حاد يشهده قطاع البناء والإنشاءات في اليمن، فاقم من معاناة العمال الذين يواجهون صعوبات بالغة في الحصول على فرص عمل، تفاقمت مع استمرار التحليق الجوي للطائرات الأمريكية والإسرائيلية، ما زاد الوضع المعيشي تأزماً.
أزمة معيشية متفاقمة
رياض المقطري، معلم يمني تحول إلى عامل بناء، يصف الوضع قائلاً: “الأمر الآن أكثر صعوبة إلى درجة الاستحالة”. ويشكو من تراجع كبير في مجال البناء، ما اضطره لبيع ممتلكاته لتوفير الغذاء لعائلته، منتظراً اتصالاً يمنحه فرصة عمل مؤقتة.
يعزو عاملون في مجال العقارات هذا التراجع إلى غلاء مواد البناء، خاصة بعد تدمير مصنعي أسمنت رئيسيين، بالإضافة إلى الإتاوات التي تفرضها الجماعة الحوثية وإجراءاتها التعسفية.
إتاوات جديدة تعيق البناء
فرضت الجماعة الحوثية إتاوات مالية جديدة على شاحنات نقل مواد البناء، حيث استحدث قادة حوثيون نقاط تفتيش لتحصيل تلك الإتاوات في الطرق المؤدية إلى مناطق استخراج المواد، ما يضاعف الأعباء على العاملين في القطاع.
تتراوح المبالغ المفروضة بين 50 و150 دولاراً للشاحنة الواحدة، والسائقون والمالكون الذين يرفضون الدفع يواجهون الاحتجاز والمنع من المرور، وحتى التهديد بمصادرة بضائعهم.
ارتفاع أسعار الأسمنت
تجاوز سعر كيس الأسمنت (50 كجم) 100 دولار في مناطق سيطرة الحوثيين، منذ قصف مصنع أسمنت باجل في مايو الماضي، ما يزيد من تكلفة البناء ويعمق الأزمة.
توقف مشاريع الحوثيين
باحث اقتصادي في صنعاء، تحفظ على ذكر اسمه، يوضح أن غالبية أعمال البناء والإنشاءات في السنوات الأخيرة كانت تابعة للجماعة الحوثية وقياداتها. ومع تدهور الأوضاع المعيشية، تراجع عدد القادرين على بناء المنازل.
أدى اختباء القادة الحوثيين ونقل عائلاتهم إلى مناطق آمنة، إلى توقف العديد من مشاريع البناء التابعة لهم. كما اضطرت الجماعة لإيقاف أعمال بناء المقرات والسجون، والتركيز على التحصينات لحماية أسلحتها وقادتها.
مخاوف المستثمرين العقاريين
إجراءات النهب والمصادرة التي تنتهجها الجماعة في قطاع العقارات، وسياساتها في شراء العقارات ورفع أسعارها ثم خفضها بشكل كبير، أثارت مخاوف المستثمرين وأصحاب المدخرات، خاصة المغتربين، من خسائر كبيرة أو مصادرة أملاكهم.
الضربات الجوية وأثرها
الضربات الأمريكية التي أمر بها الرئيس دونالد ترامب في مارس الماضي، وتلك التي نفذها الجيش الإسرائيلي، أدت إلى توقف أنشطة البناء في المناطق القريبة من المواقع العسكرية والأمنية التابعة للجماعة.
إخفاء المعدات الثقيلة
موظف في شركة مقاولات، فضل عدم ذكر اسمه، يكشف أن العديد من ملاك المعدات الثقيلة المستخدمة في أعمال الحفر اضطروا لإخفائها أو تفكيكها خوفاً من استهدافها، خاصة بعد استهداف مواقع تابعة للجماعة.
إجبار الجماعة الحوثية لأصحاب المعدات على تسخيرها لصالح أعمالها الإنشائية بأجور متدنية في السابق، زاد من مخاوفهم مع حاجة الجماعة لأعمال إعادة البناء بعد استهداف مواقعها.
تأثير إغلاق الموانئ
أدى استهداف ميناء الحديدة والموانئ الأخرى التي تسيطر عليها الجماعة، والحصار المفروض عليها، إلى ارتفاع أسعار مواد البناء المستوردة كالحديد والأسمنت.
تفاقم البطالة
لا تتوفر إحصاءات رسمية حول تأثير التصعيد في البحر الأحمر على قطاع البناء، لكن تقديرات غير رسمية تشير إلى أن 20% من العمال فقدوا وظائفهم منذ بدء التصعيد، وارتفعت النسبة إلى أكثر من الضعف مع بدء الحملة العسكرية الأمريكية الأخيرة. قطاع البناء، الذي كان يوفر فرص عمل كبيرة، يعاني بشدة من تبعات الحرب والأزمة السياسية.