الجمعة 4 يوليو 2025
spot_img

ترحيل ناشط فلسطيني من أميركا يثير جدلاً حول حرية التعبير

في خطوة تصعيدية، اعتقلت السلطات الفيدرالية الطالب الفلسطيني محمود خليل في مسكنه بجامعة كولومبيا في نيويورك، بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس ترمب عن حملة ضد جامعات النخبة.

أمضى خليل أكثر من ثلاثة أشهر في مركز احتجاز للمهاجرين في لويزيانا، بينما وسعت إدارة ترمب نطاق حملتها، مستهدفة طلابًا أجانب آخرين داعمين للقضية الفلسطينية.

إلغاء المنح الدراسية

كما ألغت الإدارة منحًا بمليارات الدولارات كانت مخصصة لأبحاث في جامعات كولومبيا وهارفارد وغيرها من المؤسسات التعليمية الخاصة التي شهدت احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين، وكان خليل من أبرز النشطاء فيها.

وأكد خليل (30 عامًا) في مقابلة أُجريت معه في شقته بمانهاتن، بعد أقل من أسبوعين من الإفراج عنه بكفالة: “لستُ نادمًا على الوقوف ضد الإبادة الجماعية، والدفاع عن الحق، وهو معارضة الحرب والدعوة إلى إنهاء العنف”.

تهمة إسكات الأصوات

يعتقد خليل أن الحكومة تسعى لإسكاته، لكنها منحته منبرًا أوسع للتعبير عن آرائه. استقبلت النائبة الأميركية ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، وهي خصم سياسي لترمب، خليل في المطار بعد إطلاق سراحه، وسط ترحيب من أنصاره الذين رفعوا الأعلام الفلسطينية.

بعد يومين، تصدر خليل مسيرة حاشدة أمام كاتدرائية بالقرب من جامعة كولومبيا، حيث انتقد مسؤولي الجامعة، وظهر الأسبوع الماضي إلى جانب زهران ممداني، النائب المؤيد للفلسطينيين.

تأثير الاعتقال

“وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية وضعتني في هذا الموقف، وهذا كان له تأثير كبير على حياتي. ما زلتُ بصراحة أحاول التأمل في واقعي الجديد”، هذا ما قاله خليل معبرا عن صعوبة الموقف.

لم يتمكن خليل من حضور حفل تخرجه في مايو، وخرج من الاحتجاز عاطلاً عن العمل، بعد أن سحبت مؤسسة خيرية دولية عرضها له للعمل مستشارًا سياسيًا.

قضية الترحيل

من جهة أخرى، قد تكسب الحكومة استئنافها وتعيد اعتقاله، لذا يركز خليل على قضاء أكبر وقت ممكن مع ابنه وزوجته.

ولد خليل في مخيم للاجئين الفلسطينيين في سوريا، وزوجته الطبيبة نور عبد الله مواطنة أميركية. حصل خليل على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة العام الماضي، وانتقل إلى نيويورك في عام 2022 كطالب دراسات عليا.

مفاوضات الجامعة

برز خليل كأحد المفاوضين الرئيسيين بين إدارة جامعة كولومبيا والطلاب المحتجين الذين طالبوا بإنهاء استثمارات الجامعة في شركات تصنيع الأسلحة وغيرها من الشركات التي تدعم الجيش الإسرائيلي.

لم توجه أي اتهامات جنائية لخليل، لكن الحكومة الأميركية استندت إلى قانون هجرة فضفاض لترحيله وعدد من الطلاب الدوليين الآخرين المؤيدين للفلسطينيين، مدعية أن خطابهم “القانوني لكن المثير للجدل” قد يضر بمصالح السياسة الخارجية الأميركية.

انتهاك دستوري

اعتبر القاضي الاتحادي الذي ينظر القضية أن الأساس المنطقي لإدارة ترمب لترحيل خليل هو على الأرجح انتهاك غير دستوري لحقوق حرية التعبير، وتستأنف الحكومة الحكم.

وردت أبيجيل جاكسون المتحدثة باسم البيت الأبيض على الاستفسارات قائلة: “لا يتعلق الأمر بحرية التعبير، بل بأفراد لا يحق لهم الوجود في الولايات المتحدة لدعم إرهابيي حماس وتنظيم احتجاجات جماعية جعلت الجامعات غير آمنة وضايقت الطلاب اليهود”.

رفض معاداة السامية

في المقابلة، ندَّد خليل بذريعة معاداة السامية، مؤكدًا أن الطلاب اليهود “جزء لا يتجزأ” من حركة الاحتجاج. وأشار إلى أن الحكومة تستخدم “معاداة السامية” كحجة لإعادة تشكيل التعليم العالي الأميركي الذي يرى ترمب أنه خاضع لسيطرة آيديولوجيات معادية لأميركا والماركسية و”اليسار الراديكالي”.

أبلغت إدارة ترمب جامعة كولومبيا وغيرها بأن أموال المنح الاتحادية، ومعظمها للبحوث الطبية الحيوية، لن تُستأنف ما لم تحظَ الحكومة بإشراف أكبر على مَن يقبلون ويوظفون وما يدرسونه، داعية إلى “تنوع فكري أكبر”.

موقف جامعة كولومبيا

على عكس هارفارد، لم تطعن جامعة كولومبيا في إلغاء الحكومة المفاجئ للمنح، ووافقت على بعض مطالب إدارة ترمب بتشديد القواعد المتعلقة بالاحتجاجات، كشرط مسبق للمفاوضات حول استئناف التمويل.

وصف خليل خطوات جامعة كولومبيا بالمفجعة، قائلاً: “سلمت كولومبيا المؤسسة بشكل أساسي لإدارة ترمب، وسمحت لها بالتدخل في كل التفاصيل المتعلقة بكيفية إدارة مؤسسات التعليم العالي”.

الحفاظ على الاستقلالية

أكدت إدارة جامعة كولومبيا أن الحفاظ على الاستقلالية الأكاديمية “خط أحمر”، مع استمرار المفاوضات. وذكرت فيرجينيا لام أبرامز المتحدثة باسم كولومبيا أن مسؤولي الجامعة “يعارضون بشدة” توصيف خليل.

وأضافت في بيان: “تعترف جامعة كولومبيا بحق الطلاب، بمن فيهم السيد خليل، في التحدث علنًا عن القضايا التي يؤمنون بها بشدة… لكن من المهم أيضًا أن تلتزم الجامعة بقواعدها وسياساتها لضمان أن كل فرد بالجامعة يمكنه المشاركة في مجتمع جامعي خالٍ من التمييز والمضايقات”.

دعوة للجامعات

حث خليل كولومبيا والجامعات الأخرى المستهدَفة من قِبَل ترمب على الاهتمام بطلابها، قائلاً: “قدّم الطلاب خطة واضحة حول كيف يمكن لهذا الحرم الجامعي أن يتّبع حقوق الإنسان والقانون الدولي، وأن يشمل جميع الطلاب، حيث يشعر الجميع بالمساواة، بغض النظر عن مواقفهم من القضايا… إنهم يفضلون الاستسلام للضغوط السياسية بدلاً من الاستماع إلى الطلاب”.

اقرأ أيضا

اخترنا لك